الثورة – الحسكة:
واصل النظام التركي استخدام مياه الشرب كسلاح حرب ضد أهالي الحسكة، الأمر الذي يحرم مليون مواطن في الحسكة وريفها من مياه الشرب النظيفة، وما يترتب على ذلك من مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة والتي تهدد حياة أهالي تلك المنطقة، ويعد استخدام المياه كسلاح حرب ضد المدنيين، جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي، واستمرار اعتداءات قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها الإرهابيين على محطة علوك، يطرح علامات استفهام كثيرة حول صمت الأمم المتحدة، وعدم اتخاذها أي إجراءات رادعة توقف جرائم الاحتلال التركي بحق المدنيين.
فالعطش ليست كلمة للتعاطف، إنها معاناة أهالي مدينة الحسكة وأريافها منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع استمرار اعتداءات الاحتلال التركي على محطة مياه (علوك) الواقعة في مدينة رأس العين بريف الحسكة والخاضعة تحت سيطرة المحتل التركي وفصائله الإرهابية المدعومة من أنقرة، وخاصة أن محطة (علوك) هي التي تغذي خزانات محطة (الحمة) والتي بدورها تغذي مدينة الحسكة وقطاعاتها وريفها الغربي بمياه الشرب دون وجود بديل لها.
جريمة تعطيش المواطنين في مدينة الحسكة وضواحيها وريفها الغربي ثابتة ولا تزال على حالها، ولا بوادر للانفراج النهائي في ظل عدم الاستقرار الأمني واستمرار الاحتلال التركي وفصائله باحتلال مدينة رأس العين.
وفي ظل تفاقم أزمة التعطيش بشكل متكرر ودون انقطاع طوال فصل الصيف الماضي ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر متتالية دون نقطة مياه، على الرغم من الضخات غير المجدية والمستوفية لحجم الكميات الواصلة بحسب برنامج التقنين المعتمد لدى مؤسسة المياه بالحسكة، تم اللجوء إلى استخدام الآبار المنزلية غير الصالحة للشرب، التي قام الأهالي بحفرها أمام منازلهم مجبرين على ذلك.
ومع استمرار هذه الأزمة يضطر أهالي المنطقة إلى شراء صهاريج مياه الشرب بأسعار يصل سعرها بالحد الأدنى إلى 8 آلاف ليرة سورية لخزان الخمسة براميل، وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتحكم التجار .
والحلول البديلة لا تزال خجولة جداً، ولا تؤدي الغرض إطلاقاً وهي التي لا تزال تتم بالطريقة التقليدية.
العكلة للثورة: التعديات الإرهابية تحرم الأهالي من المياه
مدير عام مياه الحسكة محمود العكلة بين أن وارد المياه الواصل إلى محطة التجميع الرئيسة في من
طقة الحمة غرب الحسكة مازال ضعيفاً، وذلك بسبب تصاعد التعديات على خط الجر من قبل التنظيمات الإرهابية التابعة للاحتلال التركي في مناطق انتشارهم حيث انخفض وارد المحطة إلى 10 آلاف متر مكعب يومياً في فترات الضخ فقط من أصل 60 ألفاً وهي الكمية التي يتم ضخها عادة من المحطة بشكل يومي، مضيفاً أن الحل الوحيد لمشكلة المياه في الحسكة هو إعادة محطة علوك إلى إشراف مؤسسة المياه لضمان استقرار الضخ إضافة إلى إزالة التعديات على خطوط التيار الكهربائي
المغذية للمحطة وخط جر المياه من قبل التنظيمات الارهابية التي تهدر كميات كبيرة من المياه لأعمال خاصة بهم أو بقصد التخريب وهدرها في الأراضي وحرمان الأهالي منها.
وأكد العكلة أنه منذ تشرين الثاني 2019، تعطلت محطة (علوك) 30 مرة على الأقل، وتوقفت المحطة عن العمل نهائياً منذ 23 حزيران 2021، لعدة أسباب منها انخفاض قدرة الفنيين على الوصول لإجراء أعمال الصيانة والإصلاحات ونقص وانقطاع الكهرباء المتكرر نتيجة التعديات، الأمر الذي حدّ بشكل كبير من انقطاع المياه ووصوله إلى المدينة وريفها لمدة استمرت أكثر من 3 أشهر.
ونوه إلى أن المحطة لن تعمل بطاقتها الإنتاجية الاعتيادية إلا بإزالة هذه التعديات ودخول ورشات الصيانة التابعة للمؤسسة إليها لإصلاح الأعطال التي تطرأ على غواطس الآبار والمضخات والتجهيزات الكهربائية والميكانيكية.
الجرب والكوليرا
بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة أشهر ونتيجة النداءات والإجراءات الحكومية وتدخل الأصدقاء الروس ومنظمات دولية معنية استبشر الأهالي بضخ المياه ولكن لمدة لم تستمر أكثر من خمسة عشر ساعة لتعود للانقطاع مرة أخرى نتيجة اعتداء الفصائل الإرهابية المسيطرة على خط الكهرباء المغذي للمحطة.
حيث تقول السيدة عائشة التي نزحت من مدينتها رأس العين منبع المياه إلى مدينة الحسكة وتسكن مع أولادها الخمسة وزوجها المريض في إحدى المدارس، فرحتنا لم تكتمل بضخ المياه النظيفة التي حرمنا منها طيلة أيام الصيف وكنا طوال تلك الفترة نشرب من مياه الصهاريج الجوالة ولا نعلم مصدرها ما أدى في فترات لمرض أطفالي وزوجي وعانينا كثيراً من بعض الأمراض متل الجرب والأكزيما، وما نتخوف منه الآن هو انتشار مرض الكوليرا في المنطقة.
مدير صحة الحسكة للثورة: استمرار انقطاع المياه سبب حالات تسمم بين الأطفال
نتيجة لكل ما تم ذكره من قلة وانقطاع المياه الصالحة للشرب، وما زاد الطين بلة انتشار العديد من الأمراض الوبائية بين الأهالي إلى جانب العديد من حالات التسمم بالمياه الملوثة وخاصة بين الأط
فال خلال فترة الصيف مع استمرار الانقطاع الذي دام أكثر من ثلاثة اشهر ومازال مستمراً ليومنا هذا.
الدكتور عيسى خلف مدير صحة الحسكة أوضح أن استمرار انقطاع المياه الصالحة للشرب واعتماد الأهالي بسبب الأزمة على مصادر مياه الصهاريج غير الموثوق بها، سبب حالات تسمم كبيرة وخاصة بين الأطفال على الرغم من تحذير الجهات المعنية بعدم استخدامها، وقد وصلت حالات التسمم في الشهر التاسع من العام الحالي ذروتها فبلغت 2500 حالة من التهاب الأمعاء والمعدة والإسهالات إلى جانب حالات الإصابة بالأكزيما والجرب التي تم التعامل معها.
وأضاف خلف: نتيجة ذلك الارتفاع من حالات التسمم وانتشار الكوليرا تمت الدعوة لاجتماع عاجل لهيئة الصحة الفرعية برئاسة السيد المحافظ، ضم مديرية الصحة ومجلس المدينة ومديرية المياه والهلال الأحمر السوري لقيام كل جهة بدورها في مواجهة الأزمة وللتخفيف منها، وتم التأكيد على دور دائرة الصحة في مجلس المدينة بمراقبة الباعة الجوالين والإشراف على نظافة المأكولات والخضروات، كذلك تم توزيع بروشورات وإقامة ندوات توعية للحد من انتشار مرض الكوليرا الذي انتشر في المنطقة خلال فترة انقطاع المياه لفترة طويلة عن المحافظة، حيث بلغت حالات الإصابة بهذا المرض 78 حالة تم علاجها الى جانب 4 وفيات بسبب المرض.
وبشكل عام، ونتيجة لاستمرار انقطاع المياه
عن مدينة الحسكة وأريافها يتأثر حوالي مليون شخص، بما في ذلك العديد من العائلات النازحة الأكثر هشاشة التي تعيش في المخيمات والتجمعات العشوائية، فالعائلات تلجأ إلى مصادر المياه التي من الممكن أن تكون غير آمنة، مما قد يُسهم في زيادة الأمراض المنقولة بواسطة المياه والتي من المحتمل أن تكون فتّاكة، وتودي بحياة المواطنين.