بين السياسة والرياضة

أكاد أجزم أن جميع النشاطات البشرية ترتبط بالسياسة بشكل من الأشكال، لكن متابعي الرياضة والألعاب كانوا يدعون لعدم تسييس الرياضة، الأمر الذي لم يتحقق أبداً، إذ كان الحرمان أو المقاطعة أو الدعم والتأييد أحد تجليات المواقف السياسية في مسار التجمعات واللقاءات الرياضية.
ولعل المنتخب المغربي لكرة القدم أعاد إحياء الفكرة النائمة في وجدان المواطنين العرب على امتداد الوطن العربي بطريقة ما كانت تخطر على بال، وربما لم تكن تجول بخيال الكثيرين من العرب، وهم الذين اعتادوا على قبول خسارة المنتخبات العربية من الجولات الأولى، ليأتي المنتخب المغربي ويقلب الموازين في ميدان المواجهة في الملاعب الكروية، ويترك ذلك الصدى يتردد في بقاع الأرض العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي عبر تفاعلات ومواقف تشحذ الهمم، وتستعيد أمجاداً وذكريات وتاريخاً تربط بين أبناء الأمة، وتحرك وجدانهم الجمعي باتجاه واحد يؤكد وحدة تطلعاتهم وآمالهم، انطلاقاً من عقيدة جامعة وواقع موحد، علاه بعض من غبار وضباب، بدا وكأنه غطى تلك الحقائق أو ألغاها على امتداد عدة عقود من الخيبات.
ليس المقصود هنا أن الرياضة جاءت تعبيراً عن مواقف سياسية رسمية، لكنها جاءت لتعري ذلك الغبار وتزيحه عن وجه العلاقة المتأصلة تاريخياً وثقافياً واجتماعياً ومصيرياً بين أبناء الأمة الواحدة بعيداً عن المواقف السياسية الرسمية التي لا تملك إلا القبول بهذه الحالة الطبيعية، وترى أن تأييدها واجب لا يمكن المساس به، فالمنتخب المغربي الذي حمل العلم الفلسطيني، علم الثورة العربية الكبرى إلى جانب علم بلاده، إنما كان يحمل آمال العرب على امتداد ساحاتهم الواسعة كلها دون استثناء، وعندما كانت العواصم العربية كلها ومدن وبلدات العرب تنتظر وتتابع وتقيم الأفراح بفوز المنتخب المغربي، فإنها كانت تعلن أنها ما زالت تتمسك بذلك الهدف الوحدوي، وخاصة وهي ترى أن الدول الأجنبية تتعامل معنا كوحدة واحدة، لا تفرق في التقييم بين دولة وأخرى.
المشهد العربي المتماثل قد يشكل بداية لإعادة تقييم وإجراء مراجعات على مستوى النظام الرسمي العربي، يرى أن قوة البلدان العربية، كل في موقعه ومكانه ونظامه السياسي الخاص به، إنما تكمن في التضامن والتعاون وتوحيد الموقف تجاه أي قضية، وأن القوى الخارجية مهما تعاظمت واشتدت فسوف تضطر للرضوخ لمواقفهم ورغباتهم، وهم سيكونون مدعومين بقوة شعبية تحمل قوة الموقف على الأرض وتدعم مطالبهم ومواجهاتهم السياسية والاقتصادية مهما بدت مرفوضة من جانب قوى الاستعمار بأشكالها القديمة والمتجددة.
هذا الحدث الرياضي يقدم صورة يحاول الغرب التعمية عليها وإخفاءها ، وهي أن لا عداوات بين أبناء ألشعب العربي في جميع أقطاره، وهم يقفون الموقف الجمعي ذاته من دون أدنى شك، وإن الخلافات السياسية المفروضة بحكم التحالفات الطارئة تسقط كلها بين أبناء الأمة الواحدة الذين كانوا بحاجة لحادثة توقظ هذه القدرة الكامنة والقوة المخفية التي تعكس قوة ومتانة ووحدة الآمال والتطلعات كتعبير عفوي لوجدان أبنائها.
فهل تكون الرياضة هنا تلك الحادثة التي نصف؟ وهل تكون دافعاً لمراجعات تزيح الغشاوة والغبار عن عيون الساسة وأصحاب القرار؟.

آخر الأخبار
طاقات وطنية تشرق في ختام معرض إعادة إعمار سوريا  "عبر الأطلسي "  تطلق " استعادة الأمل" .. دعم النظام الصحي في سوريا   " التأمينات " : نعمل على تطوير منظومة الحماية الاجتماعية   هل ينقذ الشرع سوريا من الفساد؟ حفر وتأهيل عشرات آبار مياه الشرب في درعا  كيف ستؤثر التعرفة الكهربائية على مخرجات الإنتاج الزراعي؟ بعد توقف لسنوات.. مستشفى كفر بطنا ينبض بالحياة من جديد مستثمرون: سوريا أرض الفرص والاستثمار مشاركة عربية ودولية فاعلة في"إعادة إعمار سوريا" بشراكات مستدامة ما لم تقله "رويترز".. الشرع يضبط الإيقاع داخل الدولة بلا استثناءات الرئيس الشرع يكافح الفساد ويطبق القانون على الجميع دون استثناء اجتماع باب الهوى ".. المحسوبيات والمصالح لا تبني دولة قوية البرلمان السوري.. حجر الأساس في بناء سوريا الجديدة ماهر المجذوب يعود إلى دمشق بمبادرة رائدة للكشف المبكر عن التوحد يد سعودية تبني.. ورؤية عربية موحدة: إعمار سوريا يبدأ من هنا بعد رفع تعرفة الكهرباء.. هل ستتحسن التغذية؟   بيع الكهرباء بأسعار منخفضة يشل قدرتها على التطوير والصيانة       عصمت عبسي: العشائر ترفض قسد وتطالب بالعودة إلى كنف الدولة    من الرهان إلى النهضة   دمشق تنام مبكرا.. فهل تنجح في إعادة هيكلة ليلها التجاري؟