اقتصاد الجبال

منذ سالف الأزمان والدهور تتجه النزعة المدنية عند بني البشر لاختيار الأماكن السهلية والمنبسطة لإقامة المدن وتأسيسها، بعيداً عن الجبال والوديان التي لا تصلح كثيراً لإقامة مجمعات إنسانية كثيفة بسكانها، لأن طبيعة الجبال بارتفاعاتها الشاهقة ووديانها السحيقة ومنزلقاتها الخطيرة لا تخدم بعض الطبائع المدنية، وهي في الواقع لا تناسب الكثير من المهن والأعمال التي تضطلع بها الحياة المدنية، فبقيت تلك الجبال على حالتها الطبيعية في الأغلب، باستثناء قيام بعض القرى والمزارع والتجمعات البشرية الصغيرة التي لم تجد لنفسها موطئ قدمٍ في المدن، لتتوارث البؤس والشقاء ومصاعب الحياة جيلاً بعد جيل.
ففي الأحوال العادية يعيش أبناء الجبال وساكنوها بالمُجمل وفي مختلف البلدان حياة صعبة وقاسية، ولاسيما معاناتهم مع الطقس الشديد البرودة، فكيف هو الحال في بلادنا التي تنوء اليوم تحت وطأة حصار الخارج وبعض الفاسدين في الداخل، ممن ينهشون مقدرات البلاد، فتتراجع الخدمات عن الجميع، فكيف ستكون حال سكان الجبال التي تنهشهم المصاعب سلفاً؟
ومن الخارج لا يهدأ دعاة الإنسانية والعدالة والمساواة في ذلك الغرب المتوحش عن ممارسة الضغوط والحصار علينا، ونهب ثرواتنا وقمحنا وزيتنا ومقدراتنا بذرائع مُختلقة وكاذبة بات الجميع يدرك أنهم يخترعونها لخدمة الصهيونية العالمية، وهذا هو السب الحقيقي وراء كل هذا الضغط علينا، ويكفي لتلمّس هذه الحقيقة أن نرى هذه الدقيقة التي تحدّث فيها رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق (إيهود أولمرت) لبرنامج (نيوز ميكر) على RT مؤكداً لو أن سورية استسلمت وعقدت الصلح مع (إسرائيل) بشروطها طبعاً لما كان قد حصل ما حصل من أحداث في سورية، وكشف أن جورج دبليو بوش قال له: (أريد أن يعرف الأسد أن الطريق إلى واشنطن تمرّ من القدس) ومن يرد التحقق من حديث أولمرت يمكنه طلب المادة على اليوتيوب.
على كل حال هذه العقوبات وهذا الحصار وما ينجم عنه من مآسٍ انعكس أيضاً على سكان الجبال بشكل مضاعف، فخدماتهم بالأصل ضعيفة، وازدادت مع هذه الحالة تردياً وضعفاً، ومع ذلك كله لا نزال مؤمنين بأن الحكومة قادرة على الالتفات نحوهم لتأمين الحد الأدنى مما هو متاح من الخدمات، رأفةً بهم ولاسيما بأطفالهم ونسائهم، فمسؤولية النساء هناك مشبعة بالتعب المجبول بالعاطفة، وهنّ أمام الصعوبات ورعايتهن لأطفالهنّ تكاد الجبال تتحرك فعلاً أمام ما يقمنَ به من جهودِ مضنية.
هذه الحالة البائسة والقاسية لنا جميعاً ولنساء الجبال تحديداً وللساكنين هناك، كان من المفترض أن تدفع بحكوماتنا المتعاقبة خلال أحداثنا التي باتت مزمنة، ولاسيما في هذه الأثناء الأكثر صعوبة، لاجتراح قنوات تشغيلية واستثمارية تساعد أبناء الجبال أكثر على العيش والثبات، إن كان من خلال التشجيع على استثمار أفضل للأراضي، أم عبر إحداث استثمارات بسيطة والدفع نحو القدرة على الخوض في مجال أعمال ممكنة في تلك البيئة الصعبة، علنا نتمكن من تحسين ظروف الناس الصعبة في تلك البيئة الجبلية، وعلّنا نتمكن أيضاً من التناغم مع ما يعنيه هذا اليوم.
فاليوم الحادي عشر من كانون الأول هو (اليوم العالمي للجبال) وقد اختارت الأمم المتحدة أن تتخذ له في هذا العام عبارة (المرأة تُحرك الجبال) كشعار رائع ومؤثر فعلاً، غير أن المرأة ليست من حديد.. وتحتاج بالتأكيد إلى دعمٍ ومؤازرة كي تكون أكثر إنتاجاً ومساهمة في إنعاش الاقتصاد هناك، وأكثر تحريكاً لتلك الجبال الصماء.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق