المواطن الغيور و المحب لوطنه لا يعرف المستحيل خاصة إذا ذابت الأنا الشخصية “بالأنا الجمعية”.. يعني التضحية بمصالحه الشخصية مقابل “العامة”..
كان يقال على سبيل “الضرب بالخيال” روح بلط البحر وهو مصطلح يدل على التعجيز..
اليوم كثير من الدول “بلطت البحر” ولم يعد في قاموسها شيء اسمه خيال أو تعجيز.. وهذا في دلالته العميقة يشير إلى حب الوطن والعمل المتواصل في سبيل التنمية..
في مرحلة ما طلبت الحكومة الصينية من المواطنين الصينيين الامتناع عن أكل الرز “الأكثر شعبية ” في داخل الصين بسبب قلة في هذه المادة لمدة أسبوع.. وكان أحد أصدقائي الصينيين الذي يدرس معي في إحدى الدول العربية قد امتنع أيضاً عن أكل الرز لمدة أسبوع تضامناً واحتراماً لقرار حكومته ..
على المقلب الآخر ورغم الأزمة المركبة التي تمر بها سورية نرى المواطن يسعى إلى شراء المواد خاصة إذا لاحظ أنه من الممكن أن تفقد من الأسواق أو تقل كميتها..
التاجر أيضاً وخاصة من فئة تجار الحروب لا يجازفون بالاستثمار بمشاريع اقتصادية تعود بالفائدة على المجتمع.. بل يفضلون سياسة الاحتكار لزيادة رأسمالهم.. يأخذون قروضاً ويشترون ذهباً أو سيارات أو عقارات أو حتى مواد غذائية وتموينية بغرض احتكارها.. وما إن يزيد سعرها حتى يتحكمون بالأسواق وبسياسة العرض والطلب..
في الساحل والداخل ترى السيارات الجوالة تغزو قراها بحثاً عن زيت الزيتون وشراؤه، خاصة أن موسم الزيتون هذا العام كان جيداً وبالتالي استغلال حاجة الفلاح أو المنتج..
والهدف كما قلنا احتكاره وتخزينه ومن ثم طرحه بالأسواق بالسعر الذي يفرضونه.. عدا عن جانب آخر لا يقل خطورة يتجلى بتهريبه إلى الخارج..
المشكلة في أساسها تكمن في السلوك والغيرة على الوطن ومصالحه..
أما وأن المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال يمارسون سياسة “الأنا” فالوضع مرشح للتراجع أكثر..
الوطن يبنى بسواعد رجاله… وعندما نصل إلى مرحلة التكامل بالفكر والسلوك نكون قد وضعنا أرجلنا في بداية الطريق..