تفـاؤل بالقرارات الحكومية الأخيـرة..باحثون وخبـــراء اقتصاديـــون: هدفها تنشيط الحياة الاقتصادية ودعم القطــاع الإنتاجـي وتحتاجهــا المرحلــــة
الثورة – رولا عيسى:
حزمة إجراءات وقرارات حكومية صدرت مؤخراً هدفها تنشيط الحياة الاقتصادية ودعم القطاع الإنتاجي الصناعي وضبط الأسعار واستقرار سعر الصرف، وتسهيل انسيابية عمليات الاستيراد والتصدير وتشجيع التعامل المصرفي ومنح مزيد من المرونة في تحويل التوريدات، وتعزيز قدرة قطاع الأعمال على توفير مستلزمات الإنتاج على نحو أفضل وغيرها من الأهداف.
يبدو أن الإجراءات الحكومية ستكون بخطى متسارعة ومواكبة لأي نتائج إيجابية أو سلبية ولن تتوقف عند حزمة الإجراءات الأخيرة؛ بل سيكون لها عملية تتابع في اصدار القرارات بما يتناسب مع المرحلة الحالية.
«الثورة» استطلعت آراء عدد من الباحثين والخبراء الاقتصاديين الذين أبدوا تفاؤلهم بما صدر من قرارات سواء على صعيد التوقيت أو الأهداف التي تتناسب مع الظروف والمرحلة الراهنة وسيكون لها منعكسات هامة على الواقع والمستوى المعيشي.
تندرج ضمن المعطيات الجديدة
الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور زياد عربش قال في مقدمة حديثه الخاص «للثورة» أن جملة القرارات الحكومية الاقتصادية والمصرفية الصادرة مؤخراً تندرج ضمن معطيات وحاجة المرحلة الجديدة التي تستعد لها سورية خاصة بعد تأثر الاقتصاد السوري في الأشهر الأخيرة بنتائج ومفاعيل معركة (كسر العضم) بين روسيا والغرب، فكان لابد من أن يمتص الاقتصاد السوري الصدمة الكبيرة نتيجة منعكسات هذه الحرب وما شهدته الأسعار من ارتفاع ليس على صعيد الطاقة ومشتقاتها، وإنما حتى في مراكز إنتاج السلع الغذائية والمواد الأولية والاستراتيجية على المستوى العالمي، فألقت بظلالها على المستوردات التي ارتفعت كلفتها بسبب تأثر سلاسل الإمداد والنقل والشحن والتأمين ومختلف مدخلات عملية الإنتاج.
خطوات متتابعة
عربش أوضح أن القرارات والإجراءات الحكومية هي حزمة من ضمن سلسلة من الإجراءات التي ستتوالى تباعاً وتبدأ بالسياسة النقدية و التجارة الخارجية وكذلك تمتد إلى السياسة التجارية والمالية والاقتصادية بشكل متتابع.
ونوه بأن السياسة النقدية تم اختيارها بداية لتعبئة الموارد المتاحة وتفعيل النشاط الاقتصادي على المستوى الداخلي وحركة الإنتاج ومدخلاته بما فيها المستوردة، وتوسيعها بزيادة قنوات تحصيل القطع الأجنبي وتعزيز دور الكتلة النقدية في تمويل الأنشطة الاقتصادية.
ولفت الخبير الاقتصادي أن القرارات تهدف بمجملها إلى معاكسة الاتجاهات خاصة في ظل تغيير أدوات الحرب على سورية والدور السلبي للمضاربات، وبناء عليه وسع المصرف المركزي من زمام المبادرة سواء تجاه القطع الأجنبي أو السيولة النقدية بالليرة السورية بعد سلسلة قرارات منها: زيادة السحب اليومي وتسهيل الإجراءات المصرفية وهذا بدوره يشجع المستثمرين ويسهل عملهم ووقتهم.
تبويب أولويات الاستيراد
أما على صعيد التجارة الخارجية و ضمن المعطيات العالمية والظروف المحلية تم إعادة تبويب أولويات الاستيراد وإيلاء الأهمية القصوى لمدخلات الإنتاج الضرورية أكثر من أي وقت مضى وتشجيع التصدير وتخفيض تكاليفه، بالاضافة إلى المحور الاستثماري سواء مايتعلق بمنح القروض بدون فائدة (صندوق دعم الطاقات المتجددة أو التمويل الصغير) أو إجراءات الاستثمار بشكل عام متوقعا تسارع هذه الخطوات لتعطي نتائجها المرجوة بشكل أسرع من اجراءات سابقة.
تحديات وفرص كبيرة جداً
وأضاف عربش قائلا: إن العمل يتسم بالشفافية ويعتمد المنهج العلمي على صعيد انسيابية المعلومات المتعلقة بنتائج الإجراءات وبناء قاعدة معرفية واحصائية لاستبيان وملاحظة تطور المؤشرات على أن تستمر هذه المنهجية في العمل بشكل متتالٍ، مشيرا إلى أن الخطوات لن تنحصر في المجال النقدي والمالي ولكن أيضا ستشمل المجال الاقتصادي (وهذا أمر ضروري ولن تتوقف الإجراءات عند نتيجة ما فالعمل يتطلب عدم الركون أو الاستهانة بأي نتائج إيجابية مرحلية)، وذلك لترتسم معالم المرحلة القادمة التي تحمل في طياتها تحديات كبيرة جدا بالمقابل يكتنفها فرصاً كامنة هي أيضا كبيرة جداً، ومن الضرورة أكثر من أي وقت مضى استغلال الفرص سواء من خلال تفعيل الموارد المتاحة محلياً أو من خلال الانفراجات الإقليمية التي تسعى إليها دول الجوار (هنالك عدد من دول الإقليم تعاني من أزمات اقتصادية منها ماهو حاد فلا بديل عن التعاون الإقليمي).
الوصول لتحسين الواقع المعيشي
ورأى عربش أن تنشيط عملية الإنتاج وتخفيض تكاليفه وتأمين مستلزماته بشقيه الزراعي والصناعي لايعني فقط زيادة الإنتاج، ولكن أيضاً رفع مستوى التشغيل والعمالة والأجور، وبالتالي كبح ارتفاعات الأسعار المتلاحقة سابقاً وتخفيض التضخم وإمكانية تخصيص كتل نقدية متنامية لرفع الرواتب والأجور وبالتالي تحسين الواقع والمستوى المعيشي.
إعادة تموضع جديد
الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي أكد في حديثه «للثورة» أن القرارات الصادرة هامة جدا وجاءت في توقيت مهم و مناسب يحتاج له الاقتصاد السوري، وهي بمثابة إعادة تموضع جديد للوصول إلى أهداف كلية وجزئية تناسب المرحلة التي نمر بها وتساهم في تحقيق انتعاش اقتصادي ومقدمة لبداية دوران عجلة الإنتاج.
واعتبر أن أهمية الإجراءات المصرفية تكمن في تحقيق الهدف الأول وهو إظهار السعر الحقيقي لصرف الدولار، وهي خطوة ضرورية وجزء من إعادة ترتيب بورصة العملة بشكل شفاف واعتماد نشرة أسعار رائجة وحقيقية بناءً على المؤشر المحلي وليس الخارجي، وهذه الخطوة عكست الموازين وليست جديدة وكانت معتمدة في الثمانينات حيث أعطت أريحية وثقة وساهمت في الابتعاد عن السوق السوداء.
ورأى أن الإجراءات الاخيرة تؤدي لعوائد مادية إيجابية بشكل مباشر على الأسواق من خلال تحويلها إلى بعض المستوردات، وهذا بدوره يدعم اقتصاد الكثرة القائم على المنافسة ووجود تعدد بالسلع المستوردة والمنتجة محليا، ويخلق تنافسية بينها وهذا الحل الوحيد والأول لتخفيض الأسعار، واما النقطة الثانية تتعلق بالتكاليف باعتبارها جزء مهم ومؤثر في الأسعار فعند الوفرة سوف تنخفض أسعار مختلف تكاليف الإنتاج من طاقة وتأمين وتحويل وتسهم في زيادة الإنتاج وتحقق عامل الوفرة في إنتاج السلع.
معالجة الأسباب
ونوه خربوطلي الى أنه من خلال متابعة القرارات الصادرة يتبين أن المعالجة هذه المرة تناولت الأسباب والانعكاسات فكانت المقترحات من صلب الأسباب وهي خطوة صحيحة فمعرفة السبب هو نقطة انطلاق لإيجاد الحل، وهنا يشير الباحث إلى أهمية انطلاق عجلة الإنتاج فثمة عدد كبير من المعامل لاينتج بطاقته القصوى فإنتاجها انخفض إلى ٢٠-٣٠٪وعندما تتوفر مستلزمات الإنتاج فسترتفع العملية الإنتاجية وبالتالي يزداد العرض وتنخفض الأسعار وهذا ما يمكن أن ينتج عن الإجراءات الاخيرة التي ستحقق السعر العادل، وتتيح القطع الأجنبي عند الحاجة له من قبل الأفراد لبعض الحاجات الملحة ومنها العلاج بعيدا عن متناول السوق السوداء، كما أنه إجراء مهم في عملية التصدير والتحويل خلال المرحلة القادمة.
زيادة الاستهلاك تزيد الإنتاج
ولفت إلى أن حزمة الإجراءات الاخيرة تساهم في تحقيق وفورات في القطع الأجنبي ووضع الأولويات للانفاق المحلي الإنتاجي والاستثماري والبنى التحتية اللازمة لتحقيق المنافسة التي تعتبر الأساس في تخفيض الأسعار وبالتالي زيادة استهلاك السلع التي تتحقق من خلال زيادة الأجور ورفع القدرة الشرائية فكلما زاد الاستهلاك يؤدي إلى زيادة الطلب على الإنتاج وبالتالي دعم العملية الإنتاجية.
ارتياح مباشر
واشار إلى أن القرار ترك ارتياحاً مباشراً في جميع الاوساط الاقتصادية وعلى مستوى الأسواق والأفراد بأن يكون لها انعكاس على سعر الدولار وعودة طاقة الإنتاج والتقييم الأولي إيجابي، فهي حلول كاملة أعطت ارتياحاً وثقة بمجرد اتخاذ هذه الخطوات لكن على المدى المنظور وبالمفهوم الاقتصادي نحتاج لدورة عمل اقتصادي حتى تتبلور النتائج أكثر لاتقل عن شهر.