وزير القهوة

في إطار البحث عن الفرص الممكنة وتحديدها بشكلٍ يقيني أنها بالفعل ممكنة، وما علينا سوى إيجاد الوسائل الكفيلة باستثمارها، ينبغي علينا تحديد تلك الوسائل وخلقها سواء لو انسجمت مع الخطط والتصوّرات الموضوعة، أم أن الوصول إليها كان بحاجة لاختراقات غير مألوفة ولا محسوبة.

نعم إنها الحالة التي باتت معروفة بالتفكير والعمل خارج الصندوق، فهذا الصندوق هو الخطط والسياسات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية التي تحاول الحكومات حصرها، والتقيّد بها لتنفيذها عبر برامج محدّدة. وعلى الرغم من أن ما في الصندوق هو حصيلة لأفكار وتصوّرات يتم تجميعها انطلاقاً من الاعتقاد بأن هناك حاجة ماسة للأخذ بها وتنفيذها ضمن برامج زمنية ومالية وفنية متخصصة معينة، وهي ما قد تسمى أحياناً بالخطط الخمسية أو العشرية، أو الخطط القصيرة .. أو المتوسطة، أو الخطط الاستراتيجية البعيدة المدى، فإن الوقائع والأحداث تُظهر في كثير من الأحيان أن هناك ضرورات كبرى لأعمال لم تلحظها تلك الخطط، وبالتالي لا بدّ من التعاطي بمرونة مع الوقائع غير المحسوبة والتحرر من قيود الخطط والسياسات ليمتد التنفيذ بطرق معينة إلى ما هو خارج تلك الخطط، وهذا نهج بات مرغوباً ومطروقاً جداً في هذه الأيام ربما من كثرة الحالات الطارئة التي تقتحم الأمر الواقع مخترقة كلّ الخطط والسياسات. والذي بات محسوماً أن التعاطي مع هذه القضايا ومعالجتها يرتبط بحجم القدرة والإرادة القوية على مُلاقاتها ومعالجتها مهما ابتعدت عن الصندوق، حتى أن بعض البلدان تفرّدت بالتعاطي مع قضاياها الطارئة مبتعدة ليس فقط عن صندوقها وإنما عن صناديق العالم كله، مثلما فعلت حكومة ( بابوا غينيا الجديدة ) في العام الماضي مثلاً، عندما قامت ولأول مرة في العالم بإحداث وزارة جديدة اسمها: ( وزارة القهوة ) وصار من بين وزرائها ( وزير القهوة ) فعلاً كي يعمل هو ووزارته على تحسين ظروف هذا المحصول زراعةً جنياً وتسويقاً، ولاسيما بعد ازدياد الطلب عليه من عدة دول، فابتكرت الحكومة الغينية هذا الإجراء – كما قالت – لرفع معدل الربح السنوي من تصدير القهوة، وتحقيق النمو الزراعي في البلاد، مُعتبرة أن الزراعة هي المجال الذي يمكن للحكومة أن تترك فيه أعظم الأثر على سكان البلد، لأن غالبيتهم من مزارعي الكفاف، ولدى البلاد الأراضي اللازمة، وعليها أن تشجِّع الشعب على الإنتاج الزراعي.

النزوع بالابتعاد خارج الصندوق ليس له حدود، وبمقدار الاستجابة للقضايا الطارئة والتعاطي معها بجدية واهتمام مهما ابتعدت عن السياسات الموضوعة، بمقدار ما يمكن للحكومة أن تحقق النتائج المأمولة التي ترضيها وترضي مواطنيها.

لعلّ فرط التقيد بالخطط والسياسات – بعيداً عن النتائج وطوارئ الأمور – هو الذي يجعلنا متعثرين في بعض القطاعات والقضايا التي لم نعرف لها حلاً مجدياً بعد، في حين تزداد معنا صخباً وألماً وبشاعة، كالقطاع الزراعي، والصناعي .. وقضايا التضخم والأسعار التي تزداد بفظاعتها مقابل الدخل المتدهور، إضافة إلى تفاقم البطالة .. واللامبالاة برواد الأعمال وآمالهم ومشاريع أحلامهم التي لا يقوون على الخروج بها خارج دوائر الأحلام..!

احترام الخطط والسياسات الموضوعة ضروري بالتأكيد ولكن ليس إلى الحد الذي يُفقدنا مرونة التطلع إلى خارجها عندما يلزم الأمر حتى ولو احتجنا إلى وزير قهوة .. أو وزير قطن ونسيج .. أو وزير قمح .. أو وزير بطالة، فالمهم أن ندرك ما نحتاج ونلاحق سبل النجاح بكفاءة واقتدار.

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة