البيئة الشامية.. بين فكي المقارعة والتكامل

فؤاد مسعد:
مما لا شك فيه أن الأعمال الدرامية التي تدور رحى أحداثها ضمن إطار البيئة الشامية تعتبر اليوم واحدة من الأطباق الأساسية على الشاشة الصغيرة خلال الشهر الفضيل، وفي الموسم الحالي هناك مجموعة من المسلسلات التي تندرج بشكل أو بآخر في هذا المنحى، بعضها حافظ على النمط المعتاد في حين سعى البعض الآخر لمحاولة تقديم المختلف.

إن كان الوقت لايزال مبكراً لتقييم ما يتم عرضه، فالأعمال لاتزال في حلقاتها الأولى، إلا أن حضور هذه المسلسلات يثير مجموعة من التساؤلات حول العلاقة القائمة فيما بينها، هل يؤدي هذا الكم الكبير من الأعمال لينحر كل منها الآخر فيصعد عمل على أكتاف عمل ثانٍ؟ هل هي علاقة منافسة شرسة أم أن لكل منها جمهورها وآلية عرضها؟ وهل تصل الأمور حد المقارعة أم هي حالة تكامل في ظل تلبية متطلبات السوق الإنتاجي الدرامي ضمن طقس العرض الذي يتم فرضه في الشهر الفضيل؟.. تساؤلات طرحناها على عدد من الكتّاب الذين خاضوا التجربة في أعمال حققت حضورها على الساحة، والحصيلة نرصدها عبر السطور الآتية.
سمة الدراما السورية
الكاتب مروان قاووق الذي يُعرض له حالياً الجزء 13 من مسلسل «باب الحارة» يشير إلى أن الدراما السورية اختصت بالبيئة الشامية لأنه ليس هناك أية قناة أو بلد آخر يمكنه إنتاج مثل هذه الأعمال وبهذه الخصوصية، فباتت صورة عن الدراما السورية وهي مطلوبة للمحطات العربية وتُعتبر الأكثر ربحاً للشركات المنتجة، والبرهان أن عددها هذه السنة كبير بالمقارنة مع عدد الأعمال الاجتماعية.
وحول العلاقة التي تربط ما بين هذه الأعمال إن كانت «مقارعة أو منافسة»، يقول: «إن حدثت مقارعة فهي بين الشركات الإنتاجية، وانتقاء كل منها للمسلسل الذي ترى أنه سيحقق النجاح، فتضع الميزانية المناسبة وتأتي بكبار النجوم» مؤكداً أننا لا نستطيع الحكم الآن، وقد يتم إنتاج بعض الأعمال لأنها مطلوبة فقط، وإن كان الكاتب يضع في ذهنه المُشاهد العربي عامة أم السوري لدى كتابته هذه الأعمال، يجيب قائلاً: نضع في الذهن المُشاهد العربي أكثر من السوري الميال إلى القصص الاجتماعية والحياتية المعاصرة التي يطرح بعضها معاناته ومشكلاته وخاصة الصعوبات التي يعيشها بسبب الحرب التي شنت على سورية.
الاسترخاص والاستسهال
الكاتب أحمد حامد الذي سبق وقدم مجموعة أعمال من أشهرها «أهل الراية، ليالي الصالحية، الخوالي» يؤكد أن العدد الكبير من مسلسلات البيئة الشامية لا يصب في إطار التكامل أو التنافس، وإنما يتجه نحو السوق ومتطلباته، مشيراً إلى أنه قدم منذ فترة ثلاثة أعمال لجهة إنتاجية خليجية «عملان معاصران وعمل شامي» فتمت الموافقة على إنتاج العمل الشامي، يقول: «السوق يطلب هذا اللون في رمضان وليس هناك من ينجزه غيرنا، لأنه لون سوري، في حين أن الأعمال المعاصرة الاجتماعية والكوميدية موجودة في مصر والخليج وعمّان»، وعن سبب إنتاج العمل الشامي يقول: يفضلون إنجازه لأن ملابسه وديكوراته موجودة أصلاً، في حين أن هناك صعوبة في إنتاج وتسويق العمل المعاصر إلا إن ضمّ نجوماً يمكن للمنتج أن يبيع على اسمهم.
وإن كان ما يُطرح في البيئة الشامية من موضوعات وحكايات تستحق كل هذا العدد من الأعمال، يجيب قائلاً: «أبداً، كل أعمال البيئة الشامية مُستنسخة عن أعمال قديمة عرضت منذ خمس عشرة سنة مع إجراء بعض التغييرات عليها، وعندما تراها تشعر أنك تعرفها، ويحدث أن أرى عملاً على الشاشة أظنه للحظة أنه أحد أعمالي ولكن أكتشف فيما بعد أنه لغيري، فالأشخاص نفسهم والملابس ذاتها والديكور لم يتغير، وبالتالي اجتمع في هذه الأعمال الاسترخاص مع الاستسهال مع الاستنساخ، ولكن اليوم ينبغي أن يُقدم ما هو مختلف عما سبق وتم إنجازه، والمصيبة أنه حتى عندما تحاول تقديم المختلف تجد أن مسلسلات البيئة توضع كلها في سلة واحدة فيضيع الصالح مع الطالح، وإن أنجزت عملاً شامياً مهماً لن يروه بهذه العين التي تريد أن يرونه بها».
ماركة درامية
«لو كان هناك منافسة بين هذه الأعمال كنا لمسنا ذلك على الشاشة ووجدنا من يحاول تطويرها، ولكن حقيقة الأمر أنه ليس هناك أية منافسة فيما بينها، لأن المنافسة تولّد الأفضل ونحن لم نرَ الأفضل»، هذا ما يؤكده الكاتب خلدون قتلان الذي قدّم في الموسم الدرامي الماضي مسلسل «جوقة عزيزة»، مشيراً إلى أن اسم «دمشق» بات بالنسبة لهذه المسلسلات «ماركة درامية»، يقول: «بما أن هذه الأعمال تلقى الرواج والتسويق وهي مطلوبة اليوم بشدة ولن يتم التخلي عنها، حتى إن أكبر المحطات تقوم بإنتاجها، فإنني أدعو إلى تطويرها لأنها باتت تدور في فلك واحد وضمن بيئة مغلقة، في حين ينبغي أن تتسع الدائرة لنرى فيها مختلف الأطياف، وتصدير سورية من خلالها كما يليق بسورية وليس دمشق فقط التي تضم فسيفساء مجتمعي سوري، وبالتالي لا يمكن تقديمها ضمن حارة واحدة فقط».
ويشير إلى آلية التفكير الإنتاجي مؤكداً أن كلاً يعمل ضمن ملعبه، يقول:» أدوات وحكايات هذا النوع من المسلسلات بسيطة وبعيدة عن العمق، ويلجأ كل من صنّاع هذه الأعمال إلى طريقته الخاصة في إنجاز عمله، ولكن دائماً نراها مكررة ومستنسخة عن بعضها البعض، حتى بات «باب الحارة» وكأنه المثال للكثير منها، مع محاولة الخروج عنه فيما يتعلق بصورة المرأة، لا بل أن هناك محاولات لتقديم أعمالاً بديلة عنه ولكنها لم تنجح».
وينتهي إلى التأكيد على وجود أعمال تغرد خارج السرب ولكنها لا تُنسب إلى البيئة الشامية وإنما قد تُنسب إلى التاريخي لأنها تبقى نمطاً آخر.

آخر الأخبار
إصلاح محطة ضخ الصرف الصحي بمدينة الحارة صحة اللّاذقية تتفقد مخبر الصحة العامة ترامب يحذر إيران من تبعات امتلاك سلاح نووي ويطالبها بعدم المماطلة لكسب الوقت  الأونروا: إسرائيل استهدفت 400 مدرسة في غزة منذ2023 صحة طرطوس تستعد لحملة تعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال الأونكتاد" تدعو لاستثناء اقتصادات الدول الضعيفة والصغيرة من التعرفات الأميركية الجديدة إصلاح المنظومة القانونية.. خطوة نحو الانفتاح الدولي واستعادة الدور الريادي لسوريا التربية تباشر تأهيل 9 مدارس بحماة مركز لخدمة المواطن في سلمية الاستثمار في المزايا المطلقة لثروات سوريا.. طريق إنقاذ لا بدّ أن يسير به الاقتصاد السوري أولويات الاقتصاد.. د. إبراهيم لـ"الثورة": التقدّم بنسق والمضي بسياسة اقتصادية واضحة المعالم خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": إعادة تصحيح العلاقة مع "النقد الدولي" ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة مشاركة سوريا في مؤتمر جنيف محور نقاش مجلس غرفة الصناعة منظومة الإسعاف بالسويداء.. استجابة سريعة وجاهزية عالية صدور نتائج مقررات السنة التحضيرية في ظل غياب الحل السياسي.. إلى أين يتجه السودان؟