الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
تزداد حدة تدافع الولايات المتحدة على جنوب المحيط الهادئ، فقد قال دبلوماسي أمريكي كبير: إن واشنطن تعتزم افتتاح سفارة جديدة في تونجا هذا الشهر، كما ورد أن الولايات المتحدة ستستمر في التواصل مع فانواتو وكيريباتي بشأن فتح سفارات جديدة مقترحة في تلك البلدان.
ليس ذلك فحسب، بل سيقوم الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة إلى بابوا غينيا الجديدة (PNG) في 22 أيار الجاري، ليصبح أول رئيس أمريكي يزور البلاد منذ قرن على الأقل.
يبدو أن كل خطوة من خطوات تعزيز الولايات المتحدة لعلاقاتها مع دول جنوب المحيط الهادئ تقول “عادت أمريكا”، ولكن ما عاد حقاً هو مصالحها الخاصة فضلاً عن تسليح دول المنطقة.
منذ شباط الماضي، عندما أعادت الولايات المتحدة فتح سفارتها في جزر سليمان بعد 30 عاماً من الغياب، يتم الإبلاغ بشكل متكرر عن قائمة مطولة بخطط الولايات المتحدة لفتح سفارات في المنطقة، وسيكون من الجيد لها أن تساعد بصدق بلدان جزر المحيط الهادئ في تعزيز تنميتها، ومع ذلك، فإن المسؤولين ووسائل الإعلام الأمريكية كانوا صريحين تماماً بإشارتهم إلى أن الأمر كله يتعلق بالصين.
لنأخذ السفارة الجديدة في تونغا، قال مساعد وزيرة الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانيال كريتنبرينك إن هذا جزء من الجهود المبذولة لتكثيف وجودها الدبلوماسي في منطقة المحيط الهادئ لمواجهة الصين، وفقاً لرويترز.
إذن، كيف ستشعر دول جنوب المحيط الهادئ حيال تعامل الولايات المتحدة معها بشكل صارخ على أنها بيادق؟.
تكافح الولايات المتحدة مع شعور قوي بالقلق الاستراتيجي والتكتيكي، حيث اكتسب تعاون الصين متبادل المنفعة مع منطقة جنوب المحيط الهادئ اعترافاً واسعاً وترحيباً حاراً من الدول الجزرية.
وبالتالي، فإن واشنطن حريصة على استعادة نفوذها في المنطقة بسلسلة من الهجمات الدبلوماسية رفيعة المستوى، بما في ذلك إنشاء سفارات جديدة أو القيام بجولات خاطفة، وسيستمر هذا الاتجاه، ليس لأن الولايات المتحدة تريد مساعدة المنطقة في أي جانب، ولكن لأنها بحاجة إلى المنطقة لاحتواء الصين في إستراتيجيتها في المحيطين الهندي والهادئ.
قال يو لي، كبير الباحثين في مركز الأبحاث لبلدان جزر المحيط الهادئ بجامعة لياوتشنغ، إن الولايات المتحدة يمكن أن يكون لها قواعد عسكرية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في جنوب المحيط الهادئ، لكن من الأفضل أن يكون منافسوها عاريي اليد تماماً.
تقوم الولايات المتحدة بتحويل أستراليا إلى قاعدة عسكرية أمريكية بها حيوانات الكنغر، ومن الواضح أن جنوب المحيط الهادئ هو التالي في القائمة.
لا يتعلق التعاون مع الولايات المتحدة أبداً بالتنمية، بل يتعلق باستغلال الولايات المتحدة لدول جنوب المحيط الهادئ، ما يجعلها حاملات طائرات لمواجهة الصين، وبعبارة أخرى، فإن الولايات المتحدة تلقي بغيوم الحرب على جنوب المحيط الهادئ.
سواء أكانت تونغا أم بابوا غينيا الجديدة، تحتاج البلدان إلى معالجة أزمة المناخ وتحقيق النمو الاقتصادي، فالجغرافيا السياسية لا معنى لها بالنسبة لهم، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة بالكاد ستساعدهم في القضايا التي يهتمون بها.
وقال يو إن معظم المساعدات الأمريكية يتم تنفيذها في المجالات السياسية والأيديولوجية، بما في ذلك تدريب موظفي الخدمة المدنية والشرطة والعاملين في النظام القضائي بالقيم الغربية.
في حزيران 2022، نشر صحفي من جزر سليمان مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز، قال فيه إن القليل من الإرث المتبقي لمساعدة الولايات المتحدة يمكن رؤيته في دول جنوب المحيط الهادئ، مضيفاً أنه في الوقت نفسه، الشركات التي تديرها الصين، الإنشاءات والمعدات وصيد الأسماك، النقل والقطاعات الأخرى، سرعان ما أصبحت جزءاً من الاقتصاد المحلي.
أضاف يو يركز التعاون بين الصين ودول جزر المحيط الهادئ في الواقع على الاقتصاد والتجارة ذات المنافع المتبادلة، بدلاً من التوسع الذي تتخيله الولايات المتحدة أو التهديد العسكري.
إذا استمرت الولايات المتحدة في متابعة المواجهة العسكرية عند التفاعل مع جنوب المحيط الهادئ، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، ربما في غضون خمس أو 10 سنوات، سيجد الناس أن العلاقة التعاونية بين دول جزر المحيط الهادئ والصين ستكون أقرب من ذي قبل.
بعد كل شيء، ما تتوقعه دول جزر المحيط الهادئ من الولايات المتحدة هو المزيد من استغلال مواردها الإستراتيجية، دون أي احترام حقيقي، وإن الخطاب القائل بأن واشنطن ستعود إلى جنوب المحيط الهادئ سوف يُفسر على أنه إشارة مشؤومة للدول الجزرية لاستخدامها أو حتى تسليحها.
المصدر – غلوبال تايمز