دفع عجلة التنمية ودعم القطاعات الحيوية أبرز السبل لتحقيقه المركزي: الاستعانة بالسندات الحكومية والأدوات النقدية للنهوض بالقطاع المالي
الثورة – مازن جلال خيربك:
كشف مصرف سورية المركزي في تقرير له عن توليفة من الحلول التي يمكن لها في حال اتخاذها النهوض بالقطاع المالي في البلاد بعد جملة التحديات التي برزت أمامه نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه بشكل رئيسي.
المركزي اعتبر أن معالجة الاستقرار المالي وتحديد أطره عند صياغة الإصلاحات المالية، يتطلب التركيز على دفع عجلة التنمية والاستمرار في مواجهة التضخم ودعم القطاعات الحيوية بالشكل الأمثل، إلى جانب الاستعانة بالسندات الحكومية والأدوات المالية والنقدية الأخرى لتعزيز ذلك، بالنظر إلى أن كل منها له تأثيره على الاقتصاد والنظام المالي.
مجموعة تحديات
المصرف شخّص التحديات التي تواجه القطاع المالي في البلاد، واصفاً حالته إلى جانب الاقتصاد بغير المستقرة منذ سنوات عديدة، فمنذ بداية الأزمة السورية في عام 2011 تراجع القطاع المالي، وتكبد الاقتصاد خسائر كبيرة في رؤوس الأموال وحقوق الملكية، إلى جانب تراجع الناتج المحي الإجمالي بنسب متزايدة، ومن ثم جاءت العقوبات الاقتصادية لتزيد الضغط على النظام المالي، معتبراً أن الإجراءات النقدية والمالية المتخذة ساعدت البنوك في تجنب الكثير من المخاطر، وكذلك كان حال إعادة توجيه نسبة كبيرة من المدخرات باتجاه المشاريع المختلفة كالمشاريع الصغيرة المدعومة من مصارف التمويل الأصغر.
السياسة المالية والاستقرار المالي
ملف «معالجة العلاقة بين السياسة المالية والاستقرار المالي» أفرد لها المركزي حيزاً كبيراً في تقريره الصادر مؤخراً، موضحاً أن الأزمة المالية العالمية (GFC) دفعت إلى استجابات رئيسية، حيث كان قد تم الشروع (في كل البلدان) في إصلاحات مالية واسعة النطاق بتشديد اللوائح التنظيمية والإشراف الاحترازي، من خلال تحسين معايير المؤسسات الفردية وتعزيز التوجيه النظامي أو الاحترازي الكلي لأطر العمل، مبيناً أن على الرغم من الخطوات الكبيرة التي حققتها الإصلاحات في أعقاب الأزمة المالية الكبرى، فإن الصلة بين السياسة المالية والاستقرار المالي اجتذبت اهتمام أقل نسبياً، ففي حين أن الجهود المقدمة كانت ضرورية لتعزيز مرونة القطاع المالي وتقليل احتمالية الأزمات المالية وتكلفتها، إلا أنها لم تكن كافية، منوها بضرورة العلاقة بين السياسة المالية والاستقرار المالي لضمان الاستقرار المالي وبالتالي الاستقرار الاقتصادي.
اعتبارات الاستقرار المالي
كما تطرق المركزي بالشرح الوافي لدراسة دولية قدمت منظوراً شاملاً حول العلاقة بين السياسة المالية والاستقرار المالي، وكذلك السياسات النقدية والاحترازية ومعالجة الرابط بينهما بشكل أفضل، حيث بيّنت الدراسة أن ذلك الأمر يتطلب العمل على محورين اثنين:
أولهما دمج اعتبارات الاستقرار المالي في تصميم السياسة المالية، ما يعني على وجه الخصوص النظر في مخاطر الأزمات المالية عند تقييم الحيز المالي، والاعتراف بالآثار المغرية للازدهار المالي على الأوضاع المالية، وإزالة أو تقليل الحوافز المالية لتراكم الديون.
تقويم الدين العام
وثاني المحاور هو الاعتراف بأن الدين العام المقوَّم بالعملة المحلية ليس خالياً تماماً من المخاطر في تصميم اللوائح الاحترازية للمؤسسات المالية، الأمر الذي يستدعي وجود رسوم رأسمالية متوازنة ومراعية للمخاطر أو اجراءات أخرى للحد من التعرّضات السيادية للبنوك، مع إيلاء الاعتبار الواجب للدور الخاص للسندات الحكومية في النظام المالي والخصائص الخاصة بكل بلد، منوهة (أي الدراسة) بعدم إمكانية حلول التنظيم الحكيم محل الحيطة المالية.
توصيات ثلاث
المركزي قدم مجموعة التوصيات الناتجة عن الدراسة والتي تتركز في ثلاث، حيث تضمنت التوصية الأولى وجوب النظر في مخاطر عدم الاستقرار المالي من قبل صانعي السياسات المالية عند اتخاذ قرار بشأن حجم الهوامش المالية الوقائية وقياس المواقف المالية المعدلة دورياً، في حين قالت التوصية الثانية بوجوب إحراز تقدم نحو الحد من المعاملة التفضيلية للديون مقابل حقوق الملكية من قبل صانعي السياسات المالية، أما التوصية الثالثة فقالت بإمكانية تقديم المزيد من العمل في التنظيم الاحترازي، لضمان أن تعكس متطلبات رأس المال والسيولة -بشكل أفضل – الانكشافات السيادية للبنوك، وبالمثل سيكون من المهم الاعتراف بدور الوساطة المالية غير المصرفية في العلاقات الأوسع بين السياسة المالية والاستقرار المالي.