الثورة – سمر رقية
يمكن لمشروع تربية الأبقار أن يكون مشروعاً متناهي الصغر، لكنه ناجح إذا تم التخطيط له ونفذ بعناية، إذ يتطلب الأمر دراسة جدوى شاملة، وتوفير التمويل اللازم، وتأمين الموارد الأساسية مثل الأعلاف والمياه والمأوى، بالإضافة إلى إدارة صحية جيدة للأبقار.
كما ويعتبر مشروع تربية الأبقار مشروعاً استثمارياً واعداً للأسرة في وقتنا الراهن، إذ يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب ومشتقاته الأساسية لتغذية الأطفال أولاً من (حليب، لبن، لبنة، قريش، جبنة كشك.. وغيرها)، وزيادة دخل المربي، وتسميد أرضه ورزقه بسماد عضوي ثانياً.
فكرة المشروع
وكل ما سبق جعل الكثير من النسوة في ريفنا الجبلي يسارعن لإقامة مشاريع تربية أبقار، ومنهن السيدة هلا برهوم صاحبة مشروع متناهي الصغر في “تربية الأبقار” تتحدث عن تجربتها لصحيفة الثورة، وتقول: أنا من قرية تلة بريف الشيخ بدر ناحية برمانة المشايخ، وهي قرية بعيدة عن المدينة وبعيدة عن الأسواق بشكل عام، ولدي أطفال صغار بحاجة للحليب ومشتقاته بشكل يومي، وبقريتنا هذه الحاجيات غير متوفرة، من هنا بدأت فكرة مشروع يوفر لي حاجة أطفالي ويدر دخلاً للمنزل في ظل وضع اقتصادي خانق، ودخلت الفكرة حيز التنفيذ منذ نحو ثماني سنوات، وكانت الانطلاقة بشراء بقرة واحدة هذا ما سمح به الوضع المادي حينها.
وتضيف برهوم: عارض زوجي بداية الفكرة، لأن ثمن البقرة كاملاً لم يكن متوفراً لدينا، إضافة إلى حاجتها للأعلاف ومصاريف أخرى، ووقتها كل شيء كان غالي الثمن.
نجاح وتوسع
وتتابع برهوم: لكنني اتكلت على رب العالمين وبدأت فعلاً بالمشروع رغم كل العثرات التي اعترضتني، وبعد نحو السنة، زوجي وأولادي لاحظوا الفرق في حياتنا ومعيشتنا، فكل ما يتمناه أطفالي توفر على مائدة طعامهم من حليب، ولبن، ولبنة، وجبنة، وهذه كانت غايتي الأولى من المشروع.
لافتة إلى أنه بمجرد توفر حاجة أطفالك وغذائهم بشكل نضيف وصحي، تترك راحة وسعادة لكل أفراد المنزل، كما أنساني كل الجهد والتعب الذي تحتاجه تربية الأبقار، لأنني أعلم ماذا يأكل أطفالي، لقمة طيبة ونظيفة وبعيدة عن الغش، وبدأت بتسويق الفائض عن حاجة عائلتي، ضمن قريتي والقرى المجاورة وبات الكل يطلب حاجته بعدما لاحظ الفرق بين منتجاتي وبين ما يشتريه من الأسواق، وأصبح زوجي يساعدني في كل الأعمال، وهذا ما شجعني أكثر وبعد سنة بدأ المشروع يكبر، وإناث البقر “العجلات” لم أبعهن فازداد العدد وأصبح أربع بقرات.
تنوع بالأفكار والمنتجات
وتضيف برهوم: إن حبها وشغفها لعملها كبر، واتسعت دائرته إلى أن شمل عمل المربيات بكل أنواعها: تفاح، وقرع، ومشمش، وتين، وكل منتوجات القرية، لأنني- كما تقول: لا أحب الهدر أو خسارة أي إنتاج ممكن أن أستفيد منه بطريقة أخرى، لذا قمت بصناعة دبس الرمان لأن ثمار الرمان متوفرة، ولا يسوق طازجاً بسبب بعد القرية عن السوق، فحرصت على الاستفادة من كل ثمرة رمان، وأصبحت منتجاتي معروفة بمحيط قريتي وبات العديد يطلب مني هذه المنتجات الريفية بعد أن ذاقها وأعجبته.
صعوبات
ولفتت إلى أن أي عمل مهما أحببته وأخلصت العمل به سوف تعترضك مصاعب ومنغصات وأهمها بالنسبة لعملنا هو تذبذب أسعار الأعلاف كل فترة، وهذا يخلق توتراً وقلقاً للمربي والمستهلك، كذلك أعاني من ضيق المكان وأحلم بمشروع أكبر من ذلك بكثير لكن إمكانيات التمويل لا تسمح لنا حالياً.
تنصح برهوم كل سيدة قادرة على العمل، أن تعمل بأي مجال تحبه وسوف تصل للنتيجة التي تحبها بعد فترة قد تطول أو تقصر.. لكنها ستصل رغم الصعاب.
