الثورة – جهاد اصطيف:
تتجه محافظة حلب إلى اتخاذ خطوات عملية تسهم في تسريع وتسهيل إجراءات تراخيص البناء، بما ينسجم مع متطلبات مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، وذلك في ظل التحديات العمرانية والدمار الواسع الذي طال مدينة حلب، ولا سيما أحيائها القديمة والشرقية.
وفي هذا الإطار، نظمت المحافظة، وفق بيانها، ورشة عمل موسعة برئاسة معاون المحافظ لشؤون الإدارة المحلية والإسكان المهندس فراس مصري، لمراجعة وتبسيط الإجراءات المعمول بها حالياً في منح التراخيص، خاصة في المناطق المتضررة داخل المدينة القديمة.
وشهدت الورشة مشاركة واسعة من الجهات المعنية، وعلى رأسها مجلس المدينة، ونقابة المهندسين، إضافة إلى ممثلين عن المكاتب الهندسية، إذ أُتيح المجال لمداخلات مباشرة استعرضت آليات التراخيص الحالية، وحددت نقاط الضعف والعقبات الإجرائية التي تؤدي إلى إطالة مدد إنجاز المعاملات، أو تعطيلها أحياناً.
ولعل أبرز ما تم التركيز عليه كان البيروقراطية الإدارية، وتعقيد المسارات الورقية، وتداخل الصلاحيات بين أكثر من جهة، إلى جانب نقص التشريعات المحدثة التي تواكب واقع الدمار والاحتياجات الفعلية للمواطنين الراغبين في ترميم أو إعادة بناء ممتلكاتهم.
وخلص المشاركون في الورشة إلى ضرورة إجراء مراجعة شاملة لنظام التراخيص بهدف تسهيل الإجراءات أمام المواطنين، مع الحفاظ على الضوابط الفنية والقانونية.
وفي خطوة لافتة، تم تشكيل لجنة فنية مشتركة من مجلس المدينة ونقابة المهندسين، أوكلت إليها مهمة إعداد مقترحات عملية لتقليص زمن المعاملة، وتجاوز نقاط الاختلاف التي تعوق الإنجاز.
ومن المقرر أن تقدم اللجنة توصياتها خلال فترة زمنية قصيرة، تمهيداً لاعتمادها ضمن الأنظمة الإدارية.
وفيما يخص المدينة القديمة، والتي تعد من أكثر المناطق تضررا بفعل الحرب، تقرر عقد ورشة عمل خاصة موجهة لتطوير نظام “ضابطة البناء” الخاص بها، وتهدف هذه الخطوة إلى وضع أسس مرنة ومراعية لواقع المنطقة، بما في ذلك تسوية بعض المخالفات البسيطة، والتي تحول دون منح التراخيص حالياً، رغم حاجة الأهالي الماسة إلى الترميم وإعادة الاستقرار.
وبحسب المعنيين فإن هذه الورشات تمثل بداية لتحول نوعي في آليات عمل الدوائر الخدمية، مشددين على أن تبسيط الإجراءات لا يعني التهاون في الضوابط، بل هو استجابة طبيعية لواقع استثنائي يتطلب تشريعات مرنة وعملية.
ففي الوقت الذي تفتح فيه مدينة حلب أبوابها تدريجياً للحياة من جديد، تبدو هذه المبادرات بمثابة إشارات إيجابية على أن عجلة البناء لن تكبل بعد اليوم بإجراءات بيروقراطية، فالإرادة واضحة، والخطوات بدأت، والمسؤولية الآن على الجميع لإنجاح هذه التوجهات وتحويلها إلى واقع ملموس في شوارع المدينة وبيوتها.