الثورة – ناصر منذر:
يحيي لبنان ومقاومته الوطنية اليوم الذكرى الثالثة والعشرين لعيد المقاومة والتحرير، حيث تمكنت المقاومة الوطنية اللبنانية، ومن خلفها الشعب اللبناني في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 من دحر الاحتلال الإسرائيلي، الذي قام بسحب قواته الغازية تحت جنح الظلام وأخلى مواقعه من عشرات القرى والبلدات في الجنوب، وسط حالة من التخبط بين صفوف جنوده وضباطه ليغادر تلك القرى مهزوماً.
فبعد سنوات من الصمود والنضال، أرغمت ضربات المقاومة الوطنية وعملياتِها النوعية ضد كيان الاحتلال على الاستسلام بعد تكبيده خسائر كبيرة وضخمة، ليندحر هذا الاحتلال وهو يجر أذيال الخيبة، علماً أن مجلس الأمن الدولي سبق وأن أصدر في العام 1978 القرار رقم 425 الذي يدعو فيه الكيان الإسرائيلي لاحترام سيادة لبنان والخروج من أراضيه بشكل فوري، إلا أن هذا الكيان الغاصب لم يمتثل كعادته لقرارات الشرعية الدولية، ولكنه انصاع لضربات وعمليات المقاومة، التي لقنت هذا العدو درساً قاسياً، وأثبتت بكل جدارة قدرتها على قهر الطغيان وطرد الاحتلال مهما تعاظم جبروته، وامتلك أحدث الأسلحة الفتاكة.
وقد أثبتت مجريات الأحداث خلال مراحل الصراع مع العدو الصهيوني أنه لا يفهم إلا لغة القوة، التي أذلته، بعدما امتلك لبنان عوامل تلك القوة، والمتمثلة بثلاثية المقاومة والجيش والشعب، ليسجل التاريخ بأن الانتصار الذي تحقق عام 2000 هو أعظم إنجاز، حيث أحبط هذا الانتصار مشروع “إسرائيل الكبرى”، وأعطى الأمل للفلسطينيين بالتحرير، مع التأكيد على أن هذا الانتصار تحقق بالتضحيات الجسام، التي قدمها رجال المقاومة الأحرار، وبصمود الشعب اللبناني والتفافه حول مقاومته الوطنية، وإيمانه الراسخ بأن النصر هو حليف الحق ضد الباطل.
فالجميع يتذكر أنه قبيل يوم الانتصار والتحرير قام أهالي الجنوب اللبناني في الحادي والعشرين من أيار بتشكيل سلاسل بشرية مدعومة من قبل المقاومة اللبنانية لتحرير القرى الجنوبية المحتلة، ولم تمنعهم الاعتداءات والقصف العنيف الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من التقدم، لتبدأ مسيرة التحرير من بلدة الغندورية باتجاه القنطرة، لتنضم بعدها قرى الطيبة ودير سريان وعلمان وعدشيت وحولا ومركبا وبليدا وبني حيان وطلوسة وعديسة وبيت ياحون وكونين وغيرها، ليأتي اليوم التالي، ويطال فيه التحرير بلدات بنت جبيل وعيناتا ويارون والطيري وباقي القرى المجاورة، بينما اقتحم الأهالي معتقل الخيام وفتحوا أبوابه وحرروا الأسرى مع هزيمة الاحتلال وعملائه هناك، وفي الـ 24 من أيار تقدم الأهالي والمقاومون إلى قرى وبلدات البقاع الغربي وحاصبيا وقراها لتندحر عنها أيضاً قوات الاحتلال.
عيد المقاومة والتحرير، هو محطة مفصلية، لأنه عكس بشكل واضح بداية نهاية الكيان الصهيوني الغاصب، وقد أسست لمرحلة جديدة من معادلات توازن الرّدع والقوة، والتي ما انفك العدو الصهيوني يحسب لها ألف حساب، وفي ظل مواصلة الكيان الصهيوني جرائمه النكراء واعتداءاته السافرة على شعوب ودول المنطقة، فإن راية المقاومة ستبقى مرفوعة ومستمرة حتى استعادة كامل الحقوق العربية في الجولان وتلال كفر شوبا في جنوب لبنان وفي فلسطين المحتلة.