الثورة – فؤاد مسعد:
ما بال الموت يحصد مبدعين خطوا بعرق الجبين والعمل الجاد مسيرة حافلة بالعطاء، أثروا الحياة الفنية والإبداعية بمنجزات خالدة، فبالأمس ودعنا قامة كبيرة في الإخراج «المخرج هشام شربتجي، وقامة كبيرة في الموسيقا «الموسيقي حسين نازك»، واليوم نودع فنان من الطراز الرفيع حفر مكانته في أفئدة الجمهور منذ أعماله الأولى، هو الفنان المخضرم أسامة الروماني»مواليد دمشق 1942» الذي وافته المنية صباح اليوم عن عمر يناهز 81 عاماً إثر اصابته باحتشاء في العضلة القلبية.
كثيرة هي المناقب لفنان عايش حال الدراما منذ أمد طويل، عايشها كمبدع ومؤسس ومُعلّم وفنان وإنسان تاركاً فيها بصمته التي لاتزال حاضرة حتى يومنا بحرارتها وألقها، قدم عبر مسيرته الطويلة أعمالاً تركت بصمتها في وجدان الناس، ودخل العديد منها ضمن سجلات كلاسيكيات الدراما السورية التي تشكل فيصلاً حقيقياً ونقطة علام، ولم تقف هواجسه الإبداعية عند شكل معين من العطاء، فبالإضافة للتمثيل خط تجربته في العمل الإداري بمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك بالكويت كمشرف ومدير للمشاريع، وشارك في صناعة برامج هامة من أشهرها برنامج الأطفال «افتح يا سمسم»، وبعد مضي أكثر من 40 عاماً عاد إلى مسقط رأسه دمشق، ليترك بصمته الأخيرة ويُسجى فيها، بعد مسيرة كُتبت أحرفها بماء من الذهب.
هو الشقيق الأصغر للفنان الراحل هاني الروماني، وقد انطلق في شغفه متسلحاً بالفكر والثقافة وبرؤيا عميقة للأمور، ممتلكاً من الطموح الكثير، سعى إلى بناء أسس متينة في بنيان كبير لأن همه كان عامّاً يغذي نهر الإبداع، بدأ حياته الفنية في مطلع ستينات القرن الماضي فشارك عام 1963 في مسلسل «ساعي بريد» إخراج سليم قطايا، فمسلسل «أسود وأبيض» إخراج محمد شاهين عام 1964، و»زقاق المايلة» إخراج شكيب غنام 1972، من أعماله الدرامية التلفزيونية نذكر «الأميرة الخضراء، حياتنا، فوانيس، بصمات على جدار الزمن، حمام القيشاني في الجزأين 2و3»، أما في المسرح فشارك في أعمال حاضرة إلى يومنا، «ضيعة تشرين» عام 1974 و «غربة» عام 1976 . كما كان له حضور سينمائي مهم في عدة أفلام، منها «العجاج، وجه آخر للحب، المغامرة».
وبعد عودته إلى سورية عام 2021 عاد إلى شغفه الأول، فكان كالذهب العتيق بكل ما يعبق به من أصالة وألق وحضور آسر ليأخذ مكانه الطبيعي أمام الشاشة، فوقف بداية ممثلاً في عملين هما عشارية «وثيقة شرف» تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي، ومسلسل «على قيد الحب» تأليف فادي قوشقجي، والعملين من إخراج باسم السلكا، ثم شارك في مسلسل «كسر عضم» إخراج رشا شربتجي وتأليف علي الصالح، وحل ضيفاً في مسلسل «حوازيق» إخراج رشاد كوكش وتأليف زياد ساري، أما في الموسم الدرامي الأخير فشارك في «كرزون» إخراج رشاد كوكش وتأليف مروان قاووق ورنيم العودة، «مربى العز» إخراج رشا شربتجي وتأليف علي الصالح، الجزء السادس من «صبايا» إخراج فادي وفائي وتأليف محمود أدريس، وآخر أفلامه السينمائية كانت مشاركته في الفيلم القصير «أماني» تأليف وإخراج سمير طحان وإنتاج المؤسسة العامة للسينما وهو لم يُعرض بعد .
أسامة الروماني الروح الوقّادة بالحياة التي لا تنطفئ وإن نال الموت من الجسد، يبقى عزاؤنا برحيله أن ما خلّفه من إبداع سيكون قصة تشهد على حياة كاملة عاشها معطاء ومبدعاً قدم خلالها أعمالاً حفرت في الذاكرة الجمعية للمشاهدين .
التالي