الملحق الثقافي- محمد خالد الخضر:
لم يقتصر دور الأدب والشعر على الحفاظ على هويتنا في العصور كافة منذ أن انطلق في العصر الجاهلي والإسلامي والعباسي والأندلسي بل بدأ يأخذ دوراً ريادياً في مطلع العصر الحديث ولاسيما في مواجهة الاحتلال العثماني والفرنسي إلى أن جاء الاحتلال الصهيوني وبسط نفوذه على فلسطين وبعض الأراضي العربية، وانبرى أغلب الشعراء والشاعرات العرب في التصدي له، وتشجيع الشعب على الثورات والمقاومة، وتجلت تلك المنظومة المقاومة في شعر نزار قباني وسليمان العيسى وعمر أبو ريشة وخليل مردم بك وكثيرون غيرهم .. ومن الشعراء والأدباء الفلسطينيين كمال ناصر وسميح القاسم وغسان كنفاني .. فتغيرت مجريات التفكير عند الماسونية والموساد، وصارت محاربة الفكر ضرورة فاتجه الصهاينة بقواهم ووسائلهم إلى دفع أميركا لإطلاق فكرة الليبرالية الحديثة التي جعلت الحداثة والتطور غطاء وفي الحقيقة تهدف إلى تخريب الثقافة والانتماء.
ومن أهم وأخطر الخطوات هو تغيير الانفعال الوجداني الذي يتركه الأدب واغتيال من هم يشكلون خطراً على الثقافة التخريبية مثل كمال ناصر وغسان كنفاني واغتيال الفنان التشكيلي ناجي العلي واستبدال الشعر المواجه بما هو لا يقترب من القضية وخلق فني سريالي غير مفهوم وروايات وقصص تهتم بالجنس والعلاقات المشبوهة، ودفع مثال هؤلاء إلى المقدمة ليأخذوا مكان الثقافة المناضلة والفن المؤثر .. وهم من دفع بوسائل متنوعة الشاعر محمود درويش ليعشق تمارى بن عامي وهي تعمل في البار ثم أعطاها اسماً مستعاراً وراح كثير من العرب يغنون لريتا الصهيونية ويسمون محمود درويش شاعر مقاومة ويعتنون باهتمام كبير الأولوية لمن يعترف بكيانهم.
والقضية أصبح لها توابع أكثر خطورة خلال الحرب الإرهابية على سورية وبعد أن عرف الموساد الصهيوني تمسك العرب بشعرهم وثقافتهم .. أوجدوا محاولات مختلفة كاستبدال الشعر الموزون والشطرين منه بالسجع بلا وزن ولامعنى ولا صور على أنه يمثل التراث ونظراً لعدم الاهتمام بالثقافة في عصرنا الحالي مرت الحيلة، وصارت المنابر تغص بهؤلاء وخاصة النساء اللواتي يلقين مجاملات من أشخاص غالباً هم متورطون بالمؤامرة وإضافة إلى ذلك تبديل التفعيلة بنثر مقيد على أنها التفعيلة المتطورة ويدعم هذه المنظومة عن تعامل منهجي إداري يحفظ انتماء الثقافة وشرف استمرارها.
والأخطر من ذلك الإعلام الإلكتروني ووجود بعض الإعلاميين الجهة الذي يطبلون لهؤلاء ويصورونهم بأجمل شكل فارغ ويرفعون صورهم عالياً، وهذا من أخطر أنواع الليبرالية الحديثة مع غياب كبير لدور النقد واقتصاره على الاهتمام بالصورة و/ السيلفي / والجمال .. ونسيان هذا كيف سيجعل الشخصية الثقافية القادمة .. ولاسيما أن الأديب الحقيقي أرجعه التطبيل لهؤلاء إلى ما وراء الستائر لأن حضوره يوقظ الانفعال الوجداني.. لذلك لابد من توخي الحذر، وأي شخص يعمل في أي مفصل ثقافي أن يجد ما يحصن عمله سواء أكان من خلال لجان أم دعم خبرته بالثقافة والمطالعة والمعرفة .. وعلينا أن ندرك أن الانتماء هو الحفاظ على الثوابت ..
العدد 1147 – 13-6-2023