الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
بالميرا أو عروس الصحراء أسماء أطلقت على تدمر، كانت محط أنظار الباحثين لأهميتها التاريخية، وتعاقب الحضارات الكثيرة عليها، ولارتباط أسماء العديد من الشخصيات التاريخية التي حكمتها باسمها أمثال: زنوبيا، الملك أرسلان الأول والإمبراطور الروماني دقلديانوس وغيرهم، ممن تركوا بصمات واضحة، وكعادتهم ملتقى أورنينا للثقافة والفنون، تسليط الضوء على الأثار السورية، نظمت محاضرة بالتعاون مع كاتدرائية الروح القدس، شارك فيها عدة باحثين حول مدينة تدمر.
كانت للمحاضرة أكثر من عنوان حيث قدم الباحث خليل الحريري مداخلة بعنوان “أهمية تدمر على طريق الحرير”، قال فيها:
يعتبر طريق الحرير البري الدولي عبر تدمر أكبر شريان للفعاليات التجارة الدولية، حيث أسهم في جعل تدمر تسود التجارة الدولية لما لها من دور في تنظيم حركة نقل البضائع والحرير، وتعود شهرة التدمريين في ميادين التجارة لمهاراتهم وخبرتهم ورحلاتهم، ما أسهم في ازدهار تدمر وتطورها، كان للقوافل التجارية دور بما أبدعه الفنانون والصناع من مشغولات ونفائس، تهافت الملوك والأمراء عليها، وكانت تعتبر هذه المنتجات مورد هام للتبادل التجاري وزيادة التجارة العالمية.
ما جعل تدمر عاصمة جمهورية الأغنياء وأمراء القوافل التجارية، مما درَّ عليها أرباحاً باهظة، الأمر الذي ساعدها على بناء حضاراتها والنهوض بها إلى مصافي الحضارات الكبرى، بقيت أطلالها شاهدة على عظمتها: السور، قوس النصر، المسرح..
أضاف الحريري: تنقل التجار التدمريين في كافة أنحاء الإمبراطورية الرومانية وبلاد الخليج والهند وهنغاريا وبريطانيا ومصر..
علماً أنه عثر مؤخراً في البحرين على آثار تدمرية، وعلى كتابات تدمرية في هنغاريا، ومعمل للزجاج أقامه التدمريين في بودا، وعثر كذلك على تمثال آخر في بريطانيا صنعه أحد التجار التدمريين لزوجته البريطانية.
واكتشف في أغوار تدمر على كتابات تشير لوجود علاقة ما بين تدمر وبلاد السكنين أي الممالك الساكنة في شمال غرب الهند، التي كانت تصلها السفن التجارية التدمرية من موانئ الخليج العربي بطريق مصب نهر السند.
أما الباحث التاريخي والمرشد السياحي موسى فليح فكانت مداخلته بعنوان “تدمر في عيون الغرب والعالم ” فبدأ حديثه عن تدمر في عيون الأخرين، يقول: لقد لعبت تدمر بحكم موقعها بين القوتين: فارس وروما دوراً مهماً عسكرياً وتجارياً، كونها محطة مهمة على طريق الحرير نشطت فيها التجارة، والزراعة، وأغتنى أهالي تدمر، وسخروا أموالهم في تحسين وتجميل مراكزها الدينية والمدنية، حتى صارت تضاهي أشهر المدن في زمنها، ودخلت التاريخ من أوسع الأبواب.
وكالعادة عند الحديث عن تدمر لابد من المرور على زنوبيا: ابنة أحد تجار تدمر فهي وريثة حضارتين تتكلم الآرامية والقبطية واللاتينية واليونانية، وذات رأي وحكمة وعقل وسياسة وبعد نظر، وفارسة شديدة البأس وفائقة الجمال.
أما عند استعراض الجند في الميادين، فكانت تمرُّ أمام الصفوف على صهوة جوادها مرتدية لباس الحرب، وعلى رأسها الخوذة العسكرية، فكان الناس عندما يرونها في تلك الهيئة، يحسبونها من الآلهة العظام، المذكورة في الأساطير.
ويتسأل فليح :كيف تأثر الأشخاص الذيم زاروها أو أقاموا فيها؟
يقول د. عدنان البني في كتابه “نساء على طريق تدمر” إن كل امرأة متميزة في العالم، كانت في وقت ما، ترى في نفسها بعض زينب، وتحلم بأن تصبح زينب بشيء ما، أو على الأقل تحلم أن تزور مدينة زينب..
وأختتم المحاضرة محمد خالد الأسعد المحاضرة بشهادة حيَّة عن والده الباحث خالد الأسعد قال فيها: يسعدني أن نلتقي في ذكرى استشهاد والدي عالم الأثار خالد الأسعد، كانت أخر كلمات الراحل: نخيل تدمر لا ينحني عندما طلب إليه جلادوه من تنظيم داعش الإرهابي الركوع، تنفس الأسعد آخر شهقاته من هواء الدنيا في بهو متحف تدمر الوطني، بناء على طلبه حيث أنزلوه حافي القدمين مكبلاً بالسلاسل غير هياب للموت متحملاً حرَّابهم، ليغمض عينيه في متحف تدمر..