الثورة – ترجمة ختام أحمد:
لم تعد القوى الاقتصادية العالمية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية هي القوة المسيطرة خلال السنوات الـ 35 الماضية، فالعصر الذهبي للاقتصاد الغربي تحولت رياحه بشكل معاكس ضمن دورة اقتصادية طويلة نحو الموت البطيء نتيجة التقلبات السياسة الحاصلة في العالم بالسنوات الأخيرة.
بعد تحول الصين إلى الصناعة التي منحت العالم منتجات رخيصة قاتلة للتضخم، و منحتنا روسيا الطاقة الرخيصة القادرة على المنافسة والخالية من التضخم أيضاً ومنافسة بقوة للاقتصادات الغربية. حاولت الولايات المتحدة عدم السماح للاقتصاد الآسيوي بأن يحل محلها، لكن التحول اكتسب زخماً قوياً أدى إلى توليد كتل تجارية متقطعة، مصممة على التخلص من “الهيمنة القديمة”، وأصبحنا نرى فك الاقتران العالمي للاقتصاد: من خلال العقوبات، ومصادرة الأصول، وتدهور الحماية القانونية، والتمييز التنظيمي، والأجندة الخضراء والتمييز ESG ، والأمن القومي للدول، كل ذلك ادى الى السعي لفك الارتباط بالدولار لأن التحرر من هيمنة الدولار، هو التحرر من الهيمنة الأمريكية، وبدأنا نرى ديناميكيات متميزة تحول قواعد الاحتكاك إلى رياح معاكسة ويلعب العامل الجغرافي دوراً هاماً في نشأة تلك التكتلات متعددة الأقطاب.
وبالتالي فإن الهروب من استخدام الدولار الأمريكي في التجارة يصبح الآلية الرئيسة لاستبدال العالم أحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة بعالم متعدد الأقطاب.
بصراحة لقد أفرطت الولايات المتحدة في استخدام الدولار كسلاح، وانقلب تيار الرأي العالمي، حتى الرئيس ماكرون وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، كانوا ضده.
الديناميكية الثانية هي فيروس التضخم البلاء التاريخي لجميع الاقتصادات.
اكتسبت الأخيرة قوتها بهدوء خلال العصر الذهبي للائتمان بدون تكلفة، لكنها أصبحت بعد ذلك مشحونة بالتعريفات الجمركية للصين، مع اختيار الاتحاد الأوروبي نفسه للتخلي عن الطاقة الرخيصة على أمل أن تؤدي مقاطعته إلى انهيار روسي مالي.
ومع اتساع حرب الغرب من أجل تدعيم مجموعة متضخمة باستمرار من خطوط الإمداد، ليتم تسييجها تحت تصنيف الأمن القومي.
خاضت الدول الأوروبية الحروب بشكل أساسي في القرن التاسع عشر لتأمين الطاقة أو الموارد مثل النفط والفحم وخام الحديد، لكن الاتحاد الأوروبي اليوم قرر تجنب الموارد الأحفورية والذهاب نحو طاقات بديلة وتكنولوجية، لكن ما ينقصنا ( الآن على الأقل ) هو حقيقة أن التكنولوجيا لا يمكنها أن تخلق طاقة تغطي حاجة الدولة والمجتمع، فهي بحاجة إلى استبدال البنية التحتية للطاقة الفعالة بمصادر جديدة للطاقة، والتي لا تعدو كونها “بصيصاً في عين” مبتكر؟
لكن ؟! كيف سيتم تمويل هذه البنية التحتية؟ عصر النقود الحرة وراءنا، والتكلفة المالية لإنشائها باهظة، وسيواجه الاتحاد الأوروبي أديولوجية جديدة، حيث يصبح المناخ ذريعة لفرض قيود جذرية على سبل المعيشة، وكانت الولايات المتحدة تعمل على توسيع ودعم التفوق الاقتصادي الغربي، ولكن الآن تضخمت المنتجات المالية، مما أدى إلى تجفيف الاقتصاد الحقيقي، وهذا ما يجعل الأوروبيين العاديين في خوف دائم، على مستقبل حياتهم، كما تتنبأ إحدى وثائق هيئة الإذاعة البريطانية أن كل الذي تفعلة أمريكا الآن ما هو سوى اضطراب سياسي للمحافظة على موقعها السياسي حتى ولو كان الثمن دماء الشعوب في العالم كما قالها صراحة تشرشل: هذا نوع من الهراء الدموي لن يدفع ثمنه سوى الشعب.
المصدر: استراتيجك كالتشر
التالي