الثورة- غصون سليمان:
تفرض طبيعة عمل بعض الصحفيين تغطية موضوعات خطرة وصادمة مثل جرائم القتل، وحوادث الانتحار، والطرق، أو التغطية المباشرة لعمليات انتشال ضحايا ومصابين، والتي تؤثر بدورها على صحتهم النفسية وذلك من خلال تراكم التعرض لهذه الموضوعات، وبالتالي يجب أن يعي الصحفيون دورهم جيدًا أثناء أداء مهامهم الصحفية، وأن يلجؤوا إلى اختصاصي نفسي إذا تفاقمت بعض الأعراض لديهم.
في ورشة العمل التي أقامتها وزارة الإعلام «مديرية الإعلام التنموي» بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مبنى الوزارة مؤخراً كان التركيز في أحد المحاور التي قدمها الدكتور عربي المصري جامعة دمشق على ماهية الإسعافات النفسية والإرشادات الطبية للإجهاد النفسي بعد الصدمات،من خلال ماتقدمه «شبكة الصحفيين الدوليين» عبر الدليل الذي يتضمّن نصائح طبية ومهنية للصحفيين الذين يقومون بتغطية هذا النوع من الموضوعات للحفاظ على سلامتهم النفسية، وذلك ضمن برنامج «المرونة»، بالتعاون مع منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية.
أعباء نفسية
حيث أشار موقع «Psychenet» إلى أنّ الصدمة النفسية هي الإصابة الجسيمة التي تصيب الشخص، والتي قد تكون نتيجة حادث يشكل عبئاً نفسياً على الفرد ما يؤدي إلى إصابته بصدمة نفسية، وخصوصًا إذا لم يستطع تخطي المَوقِف بسهولة، أو في حالة عجز المتضررين عن التصرف، إذ يتولّد عن ذلك عبء نفسي جسيم وغالِباً ما يجد الإنسان نفسه عاجزاً تماماً أو يصيبه خوف شديد أو رُعب، وهناك اختلاف في الحوادث التي تُشكِّل عبئاً نفسياً على الفرد والتي قد يتضرر من جراء حدوثها، فقد يكون هو المتضرر من ذلك، أو قد تَتِم هذه الحوادث بحضوره عند تقديمه للمساعدة على سبيل المثال.
وفي هذا الصدد، يقدم «مركز دارت للصحافة والصدمات» دليلاً للعناية الذاتية للصحفيين المعرّضين للصدمات النفسية، يتضمن الاستعدادات التي ينبغي أن يقوم بها هؤلاء الصحفيون قبل قيامهم بمهمة صحفية، وأثناء إجرائها، وبعدها للوقاية من الأزمات النفسية: وهو ينصح في هذه الحالات أنه قبل القيام بمهمّة صحفية يجب على المرء اتخاذ عدة تدابير منها:
التحدّث مع رئيس التحرير أو المدير المباشر في العمل عن الانفعالات والعواطف التي تجازف بالتعرض لها، والتعامل معها بجدّية والاتفاق على كيفية البقاء على تواصل بشكلٍ منتظم، ولاسيّما إذا طرأت صعوبات شديدة مع التأكيد على ضرورة إعلام أحد زملاء العمل أو أحد أفراد الأسرة بأي جديد يطرأ.
ويلاحظ الدليل أهمية الحفاظ على علاقات الدعم الاجتماعية وعلى شبكات متينة من الزملاء وخاصة أن التعامل مع الأزمات كتحدّيات يمكن التعلّم منها، والحفاظ على رؤية تفاؤلية للمستقبل ونظرة إيجابية إلى القدرات الشخصية.
والتذكّر أنّ تغطية الصحافة للصدمات أمرٌ مهمّ، فما يقوم به الصحفي أساسي وجدير بالاهتمام.
ويوضح الدكتور المصري بالنسبة إلى المصوّرين والعاملين في هذا المجال وفق معطيات الدليل أن يكونوا على إلمام بكيفية استعمال معدّاتهم. فالأعطال، أو عدم القدرة على إرسال الملفّات، ستزيد الظروف العصيبة سوءاً.
المهمّة الصحفية
في هذا الجانب من الضروري أن يعلم الصحفي أنّ الشعور بالحزن والمعاناة هو ردّ فعل إنساني طبيعي، وليس نقطة ضعف، ومعظم الأشخاص يتعافون منه بسرعة داعياً إلى وجوب أن يأخذ الشخص قسطاً كافياً من النوم وأن يأكل ويشرب كميةً كافيةً من السوائل، فكل هذه العوامل يمكن أن تؤثّر على طريقة تقييم الشخص وإصداره للأحكام في العمل الصحفي.
وينصح أيضاً بضرورة عدم الافراط في تناول الأدوية من تلقاء النفس، فالمبالغة في استخدام الأدوية مؤشّر على أنّك لست على ما يرام، ولا بد هنا من ممارِسة الرياضة إذا أمكن فمجرّد الخروج للمشي كفيل بأن يخفّف من المواد الكيميائية التي يفرزها الجسم عند الشعور بالتوتّر والإجهاد.
فأخذ الاستراحات، وتشجّيع الآخرين على القيام بذلك، من شأنه أن يساعد على جمع المواد المتوافّرة لدى الصحفي بشكل أفضل ويُمكّنه من التفكير بوضوح دون نكران للمشاعر والاعتراف بها ، فمن شأن الإقرار بما تشعر به أن يُغني عملك الصحفي ويساعدك على فهم الصدمة النفسية التي تختبرها.
وينصح الدليل بأن يتحدّث الصحفي إلى الآخرين والتفكير فيما شاهده وطريقة تعامله معه، وكذلك مع زملائه إذا أمكن وشاركتهم أفكاره.
أيضا لابد من الاتّصال بالأهل، والحفاظ على التواصل مع الأحبّة والأقران، ولاسيما خلال القيام بمهمّات طويلة.
-اتّخذ القرارات مباشرة من دون أن تُطلق فرضيّات حول ما سيحدث وأعد التقييم في وقت لاحق إذا دعت الحاجة، لا تنظر إلى الصور البشعة مطوّلاً، اطمئن إلى صحة الآخرين في فريقك اعرف ما حدودك وإمكانياتك، واطلب شخصاً ينوب عنك إذا دعت الحاجة.
-إذا كنت تشعر بالحزن والقلق، لا تُخفِ ذلك، فهذه ردود فعل إنسانية لا تنمّ لا عن الضعف، ولا عن قلّة الاحتراف، كما أنّ الإقرار بها لن يهدّد مسيرتك المهنية.
وأشار الدليل إلى أن ردود الفعل التي تحدث للشخص جراء تعرضه للصدمة تدل على حاجة الشخص إلى الاستراحة، وإذا استمرت هذه الأعراض لفترة من 3 إلى 4 أسابيع وبشكل كبير فيجب الذهاب إلى اختصاصي نفسي لتلقي العلاج.
