الملحق الثقافي- أحمد بوبس:
في بلدنا الكثير من الكتاب الذين قدّموا للأدب خدمات جُلّى، طواهم النسيان ولم يعد يذكرهم أحد.. واليوم سوف أتوقف عند واحد من هؤلاء، لا كما يقولون الجنود المجهولين، بل مع واحد من الأبطال المجهولين في عالم الأدب، ذلكم هو نعمان حرب.
ورغم أن نعمان حرب أصدر الكثير من الكتب في مواضيع مختلفة، إلا أنني سأتوقف الآن مع سلسلة إصداراته الهامة عن الأدباء السوريين في المهجر الأميركي، لأنني عرفته وعايشته خلال إصدارها، وكتبت عن جميع إصداراته في في جريدة (الثورة).. ويعود الفضل في تعريفي به إلى الأستاذ مدحة عكاش، وكنت ألتقيه في مكتب مجلة الثقافة، وتوطدت العلاقة بيننا إلى صداقة، أفدت أنا منها كثيراً على الصعيد الأدبي.
وعلى الرغم من أن نعمان حرب لم ينل حظاً كبيراً من التعليم، فتوقفت دراسته بعد نيله الشهادة الإعدادية، لأنه لم يكن في مدينة السويداء مدرسة ثانوية وقتها.. فهو من مواليد قرية المجيمر التابعة للسويداء عام 1914. لكنه عوض نقص دراسته النظامية بالقراءة، فأكب على الكتب ينهل منها المعرفة، حتى امتلك صهوة الكلمة كاتباً وصحفياً.
عمل في بداية حياته العملية معلماً في المرحلة الابتدائية، ثم انتقل إلى محافظة السويداء بوظيفة مُنشئ رئيسي، ثم إلى العدلية، ليتقاعد من العمل الوظيفي عام 1967.
في عام 1945 أصدر مع شقيقه نجيب حرب جريدة (الجبل) في السويداء، وكتب فيها الكثير من المقالات التي كان يحرض فيها على مقاومة الاستعمار الفرنسي، ويثير همم المواطنين ضدهم.. كما كتب مقالات عن الأبطال الذين استشهدوا خلال مرحلة النضال ضد الاحتلال الفرنسي، ثم قام بإصدار سلسلة كتيبات لعنوان (أبطال منسيون) عن هؤلاء الشهداء الذين شاركوا في الثورة السورية الكبرى ما بين عامي (1925 و 1927)، فخصص لكل شهيد كتيب من السلسلة، تحدث فيها عن مولده وبطولاته ضد المستعمر واستشهاده.. ومن المناضلين الذين تناولهم في كتيباته مصطفى الأطرش، شهاب غزالة، سليمان العقباني، صالح القضماني، محمود أبو يحيى.. وكان في نيته إصدار كتيبات عن المزيد من المجاهدين، لكن الزمن لم يسعفه، فرحل قبل إنجازها.
أولى نعمان حرب الأدب المهجري اهتماماً خاصاً، فقرر إصدار مجموعة من الكتب عن شعراء المهجر لتعريف الوطن الأم بهم.. وفي سبيل ذلك قام عام 1979 بجولة في فنزويلا والبرازيل، بدعوة من الشاعر فارس بطرس، وهو من مواطني محافظة السويداء، وفي مدينة سان باولو، وهي من كبريات المدن في البرازيل، التقى فيها عدداً من أعضاء (عصبة الأدب العربي) التي تضمّ بين جناحيها الأدباء والكتاب والشعراء، منهم نواف حردان، نبيه سلامة، شفيق عبد الخالق، شكيب تقيّ الدين، فارس بطرس، إبراهيم سلمان، خليل العقدي، حسن عسّاف، أحمد القادري، محمد حسين حسين، أسعد زيدان، انجال عون، محمد الحنيني، ميشال يازجي، أنطون لاذقاني، فيليب مسلم، نجيب العسراوي، محمد ناصر، وغيرهم كثيرون، وتوثّقت روابط المحبة بينه وبينهم، فكان يرى هؤلاء سفراء أبراراً للعروبة، يستحقون كلّ تقدير ومحبة وإخلاص من كلّ مواطن عربي.. إنّهم من حملة الأقلام، ومن أرباب الفكر، ومن ذوي المواهب الشعرية.
وأقام معهم صلات وثيقة، وحصل على نتاجاتهم ومسيراتهم الأدبية.. وعاد بها إلى السويداء لتكون بداية إصداراته الأدبية عنهم التي حملت عنوان (قبسات من الأدب المهجري).. وفي عام 1986 قام بجولة ثانية في المغترب بأميركا الجنوبية، وتابع لقاءاته مع الأدباء هناك، وجمع المزيد من نتاجاتهم الأدبية.
بعد جولته الأولى شرع نعمان حرب بإصدار كتب سلسلته (قبسات من الأدب المهجري)، وتعاون في ذلك مع الأديب مدحة عكاش الذي أصدر هذه السلسلة عن دار مجلة الثقافة التي يملكها ويديرها.. وفي مطلع الثمانينيات تعرفت عند الأستاذ مدحة على الأديب نعمان حرب، وشرعت أتابع إصداراته وأكتب عنها، وعرفني وقتها نعمان حرب على الأديب المغترب عبد اللطيف يونس في إحدى زياراته لدمشق، وأجريت وقتها معه حواراً صحفياً لجريدة (الثورة).
أما الكتب التي أصدرها نعمان حرب ضمن سلسلة (قبسات من الأدب المهجري) فهي :
1- الشاعر بطرس فارس من البرازيل عام 1981.
2- الشاعر حنا الجاسر من الأرجنتين عام 1981.
3- الشاعر نبيه سلامة من البرازيل عام 1982.
4- الشاعر شفيق عبد الخالق من البرازيل عام 1982.
5- الكاتب نواف الحردان من البرازيل عام 1984.
6- الكاتبة والشاعرة أنجال عون من البرازيل عام 1985.
وبعد جولته الثانية في المغتَرب الأميركي تابع إصداراته، فكانت :
7- الشاعر شكيب تقي الدين من البرازيل عام 1986.
8- عام 1987 أصدر كتابه الثامن تناول فيه أربعة وعشرين شاعراً وكاتباً وكاتبة من البرازيل وفنزويلا، وأطلق عليه (السجل الذهبي – أدباؤنا المعاصرون في البرازيل وفنزويلا).
9- عام 1988 أصدر كتابه التاسع عن الصحفي والأديب عبد اللطيف يونس المغترب في الأرجنتين.
10- الكتاب العاشر والأخير كان عن الشاعر جورج يوسف شدياق من فنزويلا عام 1988.
وتقديراً لجهوده الكبيرة في هذا المضمار، منحته رابطة إحياء التراث العربي في استراليا أول وسام من جائزة جبران خليل جبران العالمية، كما منحتها للسبب نفسه في العامين التاليين لمدحة عكاش الذي ساهم في إصدار سلسلة القبسات، ولعبد اللطيف يونس الذي كان صلة الوصل بين نعمان حرب وأدباء المهجر.
وبذلك أدى نعمان حرب رسالته كاملة في تعريف الوطن الأم بالأدب المهجري وأعلامه.. قبل أن يرحل عام 2004.
العدد 1152 – 25-7-2023