محمد شريف الجيوسي – كاتب أردني:
هل يمكن المراهنة على الخلافات والفوارق الداخلية لدى الكيان الصهيوني؛ سواء الدينية منها أو الإثنية أو الطائفية أو السياسية أو الطبقية؛ أو حول الخلاف الأخير المستعر غير المسبوق بشأن التعديلات القضائية.
من المؤكد أن الخلاف الأخير خلاف نوعي، شمل قطاعات واسعة بما في ذلك جيش الاحتلال وقواه الجوية، ولم يقتصر على فصيل المعارضة اليمينية الآخر، وإنما شمل كل مكونات الكيان، سواء من كان مع التشريع الجديد أو ضده، سواء من حيث المبدأ أو من حيث التداعيات والنتائج المترتبة عليها.
لكن المؤسف اللافت للانتباه مراهنة البعض من العرب عليها وتعظيم التباينات والخلافات داخل المستعمرة الإسرائيلية، وقياس مواقفهم التالية على مدى تطورها، ما يشكل خطراً على الوعي الشعبي والنضالي، وتنمية التواكل وانتظار الآخر المحتل للأرض العربية بما فيها فلسطين، بديلاً عن تعزيز الروح النضالية والفعل المقاوم للصهاينة في كل أرجاء فلسطين المحتلة على فترات زمنية.. وآخر الاحتلالات احتلال أجزاء من الغجر في جنوب لبنان قبل أيام.
ليس خطأً مراقبة ما يحدث في فلسطين المحتلة وفي جوارها من أراضٍ عربية محتلة، لكن الأمر الذي يستدعي عدم المراهنة بحال على تغيّر أو تغيير داخلي في المستعمرة الإسرائيلية أو على صعيد أممي دولي، إنما استثماره بتوضيح الشروخ داخل هذا الكيان المصطنع، بإبراز التناقضات العميقة وترسيخ الوعي بها داخل الكيان المحتل وإيقاظ النائم والمتجاهل منها، مما هو متوفر فعلاً، ولا داعي لاصطناع مشكلات وافتعال قضايا، فهي موجودة بكثافة وغزارة وعميقاُ.
لكن علينا أن نفهم أن التعديلات القضائية في حال تطبيقها، ستمس الشعب الفلسطيني في جميع مناطقه المحتلة على فترات والمحاصرة أيضاً بمزيد من القمع والقهر والعسف والتمييز العنصري والأسر والتعذيب والقتل وتجريف الأراضي وإقامة المستعمرات وانتهاك المقدسات.. وسط صمت دولي غالباً، لا يغيّره في صالح الحق العربي وضمنه الفلسطيني، سوى المزيد من المقاومة بشتى أشكالها، وفي المقدمة تضافر محور المقاومة، مع محاذرة مندسين، سيحرصون في اللحظات الحاسمة على تسديد الاستحقاقات المترتبة عليهم كما صنعوا تكراراً ضد الثورة الناصرية، وفي سورية أيضاً في اتفاقهم مع واشنطن بتنفيذ ربيعهم المر.
وكذلك في السودان وما وصل إليه من احتراب وتبعية للمستعمرة الإسرائيلية.. ولابدَّ أن درس السودان يقودنا إلى دعوة القوى القومية والتقدمية العربية إلى عدم الانجراف وراء الدعوات الشعبوية المضللة، التي يفجرها الإسلام السياسي التابع والمرتبط بالغرب، ما سهل الانجراف خلف الانقلاب الإخواني في السودان وإسقاط مشروع حل الأزمة.
إن تعمق أزمة الكيان الصهيوني لن تنهه وإن كانت ستضعفه، فالكل داخله إلى حدٍ بعيد جداً، متفق على العداء الوجودي للحق العربي والفلسطيني، بدعم غربي غير محدود ، هم يتباينون في الطريق والكيفية في تكريس ذلك وتحقيق المزيد.
بكلمات؛ تكثر هذه الأيام المشاريع والدعوات المشبوهة المغلفة بما تقبله الغرائز، والمتغلغلة في دواخل أنقى الأنظمة السياسية والدول في العالم، بقصد الانحراف بها بشتى الوسائل إلى حيث دمارها، وإعادة إنعاش الغرب الآيل للسقوط بقيادة أمريكا وبريطانيا وتل ابيب ومن يتبع إقليمياً ودولياً.
