دائماً ما يحمل موسم الانتقالات أنواعاً من الضجيج تختلف من حيث شدتها وتأثيرها، وأغلبها سلبي للأسف، فمن النادر أن يكون الضجيج إيجابياً، ونشهد الآن قبل اختتام الانتقالات وثبات التشكيلات، وقبل الانطلاقة، موضة جديدة يمكن لنا أن نصفها بـ (الشعاراتية) لأنها ترفع الشعارات (النبيلة) في مواضع لا لزوم لها، ولأهداف غير نبيلة، ولنكن أوضح ونعطي مثلاً عن الضجة التي حدثت على فيسبوك والتراشق حول مصطلح ابن النادي الذي يتفاوض مالياً مع ناديه الأم ويحاول جني أكبر صفقة لنفسه.
أول ما يلفت هو (الشعاراتية) التي تسود الضجيج، واتهام اللاعب بأنه ليس ابناً للنادي بل ابن المال والاستثمار، وكأن اللاعب مواطن قد تخلى عن وطنيته !! نعم لقد بلغوا في شعاراتهم هذا الحد، وتشعر نفسك وأنت تتابعهم وكأنك تعود عشرات السنوات للوراء، إلى مرحلة ما قبل تطور الرياضة وتحولها إلى فن وصناعة شديدة التعقيد، وعالم متكامل ساحر يجذب قلوب المليارات من البشر من العجوز الطاعن في السن وحتى الطفلة الصغيرة، وكأن الفنان الذي يطلب أجراً كبيراً مقابل عمل فني بعدما صار نجماً متابعاً ومشهوراً خائن للفن، وعليه أن يقدم موهبته التي اشتغل عليها وطورها ونجح فيها كما كان في الماضي قبل النجاح بشبه المجان !!
أي منطق معكوس وسلبي هو هذا؟! ألا ندري أنه عندما شارك كيليان مبامبي تغريدة للاعب السلة اليوناني يانيس كونمبو حصدت التغريدة سبعة وثمانين مليون مشاهدة، وحصدت تغريدة كونمبو الأصلية على 133 مليون مشاهدة، والتغريدة تدعو نادي الهلال السعودي للتعاقد مع مبابي، نعم هذه هي الأرقام التي وصل إليها الدوري السعودي في الشهرة، وهذه هي صناعة الكرة التي تضيف اسماً للنادي ونجاحاً وتضيف قوة للدوري وللبلد كلها، لكننا ضد هذا المبدأ ونحن مع الشعارات الرنانة، ومع أن لا يطلب (ابن النادي) بعد احترافه وتفوقه شيئاً ويلعب بأكل بطنه !!
نحن لا نراقب ونقرأ ما يكتب في الخارج خلال موسم الانتقالات، فقد كتب مشجع أن ضم بنزيمة لناديه جعله يشعر بالانتماء لكيان قوي وبالفخر لكونه سعودياً، وكتبت مشجعة تقول إن هذا التعاقد أدى لتقليل توترها وتحسين مزاجها، فتخيلوا إلى أين وصلت المواصيل ونحن نائمون في كهف الشعارات؟! الكرة لا تحرك الأدرينالين فقط كما لا زلنا نفهمها، الكرة عالم صفقات ناجحة وصناعة مال وتحسين صورة بلد ومصدر فخر لمواطن فهل ندرك ذلك؟.