الثورة- غصون سليمان:
اعتادت المرأة السورية أن تخوض معركتها الحياتية بكلّ تفاصيل التحدي فهي مجبولة بالكرامة وعزة النفس تدرك الواقع جيداً بتجلياته المختلفة .. تعمل وتنتج، تعلم ، وتربي، وتمارس هوايات متعددة، صنعت مجدها بتعبها وكدها ، في إطارما وفرته لها قوانين الحماية والرعاية وحصانة الدستور .
في هذه السطور نلقي الضوء على مهارة سيدة من بلادي لنتعرف كيف غزلت وتغزل بأناملها الرشيقة جمال الأشياء وتحيك الوجع بين ثنايا الخيوط فهي الشابة والأم ، تهندس لوحة القماش وقطعة الصوف كما لو أنها تشيد بيتاً بأحلامها الوردية لتفرح بإنجازه عينا طفل وطفلة وتدفىء قلوب الصبايا ، والأجساد المتعبة .
بدأت السيدة آمال يونس أسعد منطقة مصياف « قرية حيالين» هواية «شغل السنارة» لأنواع الكروشيه وأشكال الصوف المختلفة منذ كانت في أوج يفاعتها ونضجها إذ استهوتها في البداية شغل السنارة كما كلّ الفتيات الأخريات من قريناتها لإنجاز ما يكفي أسرتها وأخوتها إلى حدّ ما، من قطع الملابس والطواقي واللحشات والشالات والأشغال الخاصة بأثاث المنزل من أطقم للصوفا والكنبيات وغيرها ،
خارج حدود الإعجاب
نال عملها اليدوي هذا ثقة الناس ممن حولها وإعجابهم بما تنجزه ليتخطى ذلك حدود البيت والمحيط والقرية إلى فضاء المعارض المختلفة في دمشق وغيرها ، فهو متقن ويحاكي الموضة والموديلات الحديثة بجمالية وسحر فن الأنثى.
شاركت آمال أسعد بالعديد من المعارض التي أقامتها مديرية التنمية الريفية الأسرية « في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي « ، وكذلك مركز سوا الخاص بجرحى الحرب بعدما ظهرت منتجاتها بهذه الدقة والتميز والإبداع، حيث اختارت مديرة التنمية الريفية الدكتورة رائدة ايوب مجموعة المشاريع المهمة والمتميزة لعدد من النساء السوريات على مستوى جميع المحافظات وأخذت نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي .
العبء المادي
ومع تطور ايقاع الحياة وتغير الظروف ولاسيما في السنوات الأخيرة باتت الحاجة للعمل أكثر من هواية ، بل أصبحت حاجة وضرورة ملحة لاسيما في سنوات الحرب العدوانية الظالمة على بلدنا فبعد استشهاد زوجها عام 2011 تاركاً وراءه طفلين توأم هما اليوم في المرحلة الثانوية ، بات العبء المادي يثقل كاهل الجميع فكيف بمن فقدت المعيل ولاتملك من دخل سوى ماتقوم به من أعمال يدوية والتي لاتسدّ إلا الرمق اليسير من الحياة المعيشية في ظلّ جنون الأسعار وفوضى الغلاء .
تذكر آمال أسعد أن هناك جهات عديدة أهلية وغيرها تواصلت معها وسألت عن أوضاعها بغية مساعدتها إلا أن الانتظار مازال سيد الموقف ..فالحاجة اليوم هو تقديم الدعم المادي للمشروعات التنموية الأسرية الصغيرة ،ولاسيما الحرف والأعمال اليدوية المتقنة بأيدي السوريين والسوريات لتخرج من إطار نطاق الأسرة إلى نطاق المحيط فهو تراث غني بكلّ ما للكلمة من معنى ،وجزء مهم من حالة دعم اقتصاديات الأسر الفقيرة والتي باتت هي الغالبة في ظروفنا الحالية.