الثورة- رنا بدري سلوم :
صورٌ لا أخلاقية، عبارات ناقدة، وكلمات لاذعة، تتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الأيام الاستثنائية، ويعتبر ناشروها المترصدّون لحركة الشارع الحياتية أنها نكتة بطعم العلقم ،وكأنها المضحك المبكي لشعب أنهكه ما مرّ به بدءاً من الحرب مروراً بكارثة الزلزال وصولاً إلى الشجر المشتعل في اللاذقية وقطرة الماء التي تبكيها الحسكة وسورية التي ترنو حقولها والعيون التي تنام كذئب حذرة من عدوان غاشم .
لماذا لا نتقبّل نتائج غير مرضية؟ ولماذا ننعت ببؤس ما يجري حولنا؟ نتنصّل من معاني الإنسانية، ونرمي التهم جزافاً ونجرّد بعضنا من أخلاقياتنا، ضاربين بعرض الحائط قيماً تربينا عليها، هي زوّادتنا في هذه المحن التي نعيشها، ألم يكن الصبر من شيم الإنسانية؟ والعفو أخلاق الكرام والتراحم مبدأ والعفو مقدرة !.
قدرنا أن نسعى للكمال والعدالة والتكافؤ في الفرص، ولكن ليست بتلك الطرق الساخرة قصيرة المدى فارغة المحتوى، بمنشورات فاضحة يعاد تكرارها دون كلل أو ملل لا يتغير بها سوى التاريخ، أيرضينا أن ننجرف كقطيعٍ مع فوضى لا نهاية لها وننسى أننا لن نقبل إلا أن نبقى قادة وسادة مهما عاندتنا الظروف، بل نعترف بالتقصير ونصوّب الخطأ ونعيد تدوير الأفكار لنبدع ونقنع، فكيف تقودنا الانفعالات، ونحن ندعو إلى التعقّل والتحليل والنقد البنّاء، الشيء الوحيد الذي يضحكني في منشورات العالم الأزرق أننا أصبحنا نفتعل القراءة.. داء القراءة باضمحلال العبارات ويأس الكلمات وقفل الحسابات وكأن لا شيء يربطنا في هذه الدنيا إلا قرار وزير ونسعى لعيشة أمير، ونسينا أننا ننام هانئين آمنين في منازلنا لا نتحمل قطع الكهرباء، في حين هناك رجالات تتصدّر الخندق وتلتحف السماء وتعيش القيظ، بالأمس ارتقى شهداء في اللاذقية لإطفاء ما أمكن من نيران أشعلت الشجر بعيداً عن نيران الأسعار والألسن السامّة التي لم تُحل عقدتها بعد، كي نفقه قولها بالعقل والمنطق والحكمة، فصبراً جميلاً يا أولى الألباب !.
