الثورة :منال السماك
في زمن تتزايد فيه التحديات يوماً بعد يوم، وتحاصرنا فيه الأزمات بتنوعها لتشمل مناحي حياتنا كافة ، نحاول جاهدين أن ننجو بأنفسنا من هذا المعترك العنيف الذي لا يرحم من لا يتقن التجديف بنفسه إلى شاطئ الأمان، فهل فكرنا يوماً بما تتركه تلك المشكلات و العقبات من خدوش عميقة في أرواحنا و ندبات تشوه نفوسنا، وكيف نتعامل مع الأزمات والمشكلات لنخرج منها بأقل الخسائر ؟.
حول ماتقدّم كان محور اللقاء مع الباحثة الاختصاصية منال الجبر مدرّبة مهارات حياتية، والتي أشارت إلى أن الأزمة هي حدث مفاجئ وغير متوقع، يختل به توازن نظام معين كالنظام الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي أو النفسي، و يتطلب استجابة عاجلة لتجنب مواقف وخيمة، وتعتبرالأزمات من التحديات المصيرية، لكننا نستطيع معالجة الآثار الناجمة عنها، وذلك على نحو يقلل أضرارها، و يحوّل محنها إلى منح، ويجعل شدة وطأتها عطاء.
و تابعت، الإنسان يولد و لديه الخير والشر، ولكن البيئة الخيرة تشجع سلوك الخير لدى الشخص، بينما البيئة السلبية التي ينتشر فيها الشروالكراهية والتطرف الأخلاقي، تحفز السلوك السلبي والإجرامي داخل الإنسان، فإذا كانت البيئة إيجابية وداعمة، ينمو لديه الخير ويتعزز السلوك الايجابي، وقلة من الناس يحافظون على الخير بداخلهم وسلوكهم بغض النظرعن البيئة، ويختارون طريقهم بإرادتهم الواعية، وهناك من يتأثر بالبيئة ويكون كالريشة في مهب الريح، فالبيئة الإيجابية والداعمة والمحبّة، توقظ السلوك الإيجابي، وقلة من البشر هم خيرون بغض النظرعن البيئة، أو أشرار بطبيعتهم، و قد اختاروا طريقهم بإرادتهم الواعية و كمثال توضيحي ذكرت الجبر تجربتين شهيرتين بعلم النفس، تسلطان الضوء على تأثير البيئة المحيطة في سلوك الإنسان، وكيف تمّ استخدام نتائج هاتين التجربتين من قبل بعض الدول للسيطرة على الشعوب، وهما تجربة سجن ستانفورد، التي أوضحت أن إعطاء الإنسان العادي سلطة مطلقة على الآخرين، وإشعاره أنه ليس هناك رقابة عليه أو محاسبة، قد يؤدي إلى نشوء سلوكيات عنيفة بحقّ أشخاص مقربين له في وقت الأزمات، كما أن تجربة مليغرام سلطت الضوء على موضوع الطاعة العمياء للسلطة، فالأشخاص عندما ينفذون أوامر سلطة معينة تعطيهم مبررات لبعض السلوكيات ، و ترفع عنهم المسؤولية، فإنهم قد يقومون بأفعال ربما تضرّ بالآخرين، والتصرف فيما يخالف ضميرهم حتى تجاه أشخاص بريئين وليس لهم أي ذنب، فيقومون بأفعالهم من دون أي شعور بالذنب أو تأنيب الضمير
وإن زاوية رؤية المشكلة وكيفية حل المشكلات التي تواجهنا بحياتنا اليومية أجابت الجبر: من الضروري العمل من قبل الفرد على موضوع تحويل الوعي من المشكلة إلى الحل ، فعندما ننظر إلى المشكلة من زاوية الضحية و المعاناة والألم، فإننا نقع تحت تأثيرها بشكل كبير و تصبح ضاغطة علينا، ونكون نحن الطرف الأضعف، ولكن عندما ننظر إليها من زاوية أخرى كامتحان أو تحدّ لقدراتنا، وكفرصة للتغلب عليها و الارتقاء بأنفسنا، فإننا نتحرر من ضغط هذه المشكلة أو الأزمة و نبدأ بالاستفادة منها، و ذلك فإننا ننجح و نرتقي بأنفسنا ، و نستثمر طاقاتنا و نتطور، فالأزمات إما أن تأخذنا بإتجاه أن نضعف أو أن نصبح أكثرقوة ، و هذا يتوقف على زاوية الرؤية ،وعن ضرورة رفع الوعي و الاستحقاق للخروج من الأزمات قالت الجبر : إن رفع الاستحقاق لا يتم إلا بإدراك قوانين مهمة في الحياة كقانون الانعكاس ، فكلّ ما نرسله للآخرين يعود إلينا بنفس القوة ، فإذا أرسلنا المحبة تعود إلينا ، وإذا أرسلنا كراهية وشراً فإنه يعود إلينا ، فالخير يعود بالخير و الشر بالشر ، و مؤخراً سادت بعض المفاهيم الخاطئة و انتشرت بالمجتمع ، و هي تكرس الكراهية و تدعو لتأجيج الأزمات و افتعال المشكلات ، منها، “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، فخار يكسر بعضه”.
” و كذلك عندما تتعلق المشكلة بأشخاص آخرين ، يعتقد البعض أنه لا علاقة له بها و ليكن ما يكن ، و لكن هو لا يدرك أن هذه النيات التي يطلقها هي ليست نيات جيدة ، بل هي نيات سيئة و هو يتمنى أذيتهم، وبالتالي هذه الأمنية ستعود إليه ، و سيعاني هو ما تمناه للآخرين ، بينما المفاهيم الصحيحة التي يجب أن يركز عليها هي أن يتمنى الخير للآخرين ، والتركيزعلى مفاهيم المحبّة و تآلف النفوس، للخروج من الأزمات و حل المشكلات بحس النيات ، حتى يتم حل المشكلات ولاتتأجج أكثر، وهذه النيات تنعكس على الإنسان، فيصبح أكثر استحقاقاً للخير والأفضل، وبذلك يستطيع أن يخرج من الأزمات و هو بحالة تطور ونماء و ارتقاء.