فراس اللباد – صحفي سوري – باريس:
يعتمد المواطن السوري منذ فترة طويلة على مصادر دخل متنوعة، تشمل الزراعة والتجارة والوظائف في مختلف القطاعات الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، تشكل التحويلات المالية من الخارج مصدراً حيوياً للدعم المعيشي، وغالباً ما تُرسل من قبل الأبناء أو الأزواج أو البنات وغيرهم من أفراد العائلة.
لم تتمكن المعاناة المتراكمة التي عانى منها الشعب السوري، والتي بدأت منذ الثمانينيات وما قبلها،من إبطال حجج الحصار الأمريكي أو دحض مزاعم النظام الأسدي البائد. وصولاً إلى عام 2011، حيث تم استخدام التجويع الممنهج كأداة للسيطرة، بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على التجارة والمال الوطني من خلال مصادرة ممتلكات المواطنين، ما أدى إلى تفشي الفساد والجشع بين بعض التجار والسلطات آنذاك.
استمر هذا الوضع حتى يومنا هذا للأسف، حيث استُغل المواطن السوري في أبسط مقومات العيش، وتمت المساومة عليها لتحقيق مكاسب شخصية للتجار.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال التجار في سوريا يعتمدون على الأساليب التقليدية الموروثة، مع غياب الرقابة الفعالة من قبل المؤسسات الحكومية والجهات المسؤولة عن تنظيم الأسعار والتجارة وضبط أحوالها بشكل مستمر وفعال.
لم تجد التحذيرات المتكررة التي أطلقها المواطنون السوريون عبر مختلف القنوات آذاناً صاغية، والحكومة أيضاً، حيث بدا التاجر غير مبالٍ بما يحدث في البلاد أو بالمعاناة التي يعيشها المواطنون، مُركزاً فقط على تعظيم أرباحه وزيادة ثروته، مُتعاملاً مع البلاد كمصدر للثروة، ومخفياً البضائع ومُبالغاً في أسعارها في الأوقات والمواسم التي تُثقل كاهل المواطن السوري وتجعله يتمنى الزوال بسبب الغلاء الفاحش، مع تجاهل تام لمعاناته وأوضاعه الصعبة.
بالنظر إلى الأوضاع المعيشية في سوريا، فيمكن قول المثل المعروف “الأسعار أوروبية والحياة موزامبيق” الذي يعكس الواقع، وذلك بسبب غياب الاهتمام بأحوال المواطنين وعدم تفعيل آليات رقابية صارمة لمكافحة التلاعب بالأسعار والاحتكار في جميع المحافظات السورية.
وهنا، لا نكتب لمجرد الكتابة، بل نكتب استجابةً لمن يعانون ويسعون جاهدين نحو حياة أفضل وأكثر ازدهاراً. نقدّر ونثمّن الدعم الحكومي، ولكننا نرى ضرورة لمزيد من الجهود.
السادة التجار، هل تريدون تكرار المشهد السابق في الثمانينات؟ حيث كان المواطن السوري يحتفل بحصوله على عبوة زيت، معبراً عن فرحته الغامرة أمام الجميع، الجميع يعي تلك المرحلة الصعبة من السوريين، فلا تجعلوها صعبة على المواطنين أكثر.
( منذ فترة وجيزة، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية قراراً يلزم جميع المنتجين والمستوردين بتضمين السعر النهائي للمستهلك بشكل واضح ومقروء باللغة العربية، وبخط واضح ودائم على المنتجات، حيث يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الشفافية في الأسواق وتنظيم عمليات البيع) هل سيتم الالتزام بهذا القرار على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا؟ أم إن التنفيذ سيكون مجرد إجراء شكلي، وبعد ذلك سيتم التلاعب والتحايل من قبل التجار، كما يحدث دائماً دون أي خوف أو رادع؟
وهنا نود أن نشير أيضاً، إلى ضرورة إيلاء اهتمام بالغ ومراقبة مستمرة للعناصر الحيوية الأخرى في البلاد، بما في ذلك أسعار العقارات(شراء وتأجير)، والفنادق، والمطاعم، والسيارات، وغيرها من الجوانب الهامة التي تؤثر على المواطنين السوريين،والزوار القادمين بغرض السياحة أو العمل وممكن الإقامة.
لا أحد يرغب في إلحاق الأذى بأي فرد في البلاد، ومع ذلك، فإن أمهاتنا يناشدن وأطفالنا يعانون من جوع البطون، الحديث في الأمر يطول، ولكن هدفنا هو تذكير الحكومة الموقرة باستمرار، وأن المواطن السوري هو الأولوية القصوى، وحياته مرتبطة بصلاح البلاد وتقدمها، ودمتم .