الثورة – مها دياب:
تحدث خالد عثمان، الممثل القطري لبرنامج الأغذية العالمي، خلال لقاء امتد على مدى يومين في غرفتي تجارة دمشق وريفها، عن أهمية التعاون مع المؤسسات الأهلية والشركات المحلية الراغبة في تقديم خدمات ضمن البرنامج.
اللقاء شكل مساحة تفاعلية تهدف إلى بناء جسور الثقة، وتعزيز الشراكة المجتمعية، وتطوير آليات الدعم بما يخدم أهداف التنمية المستدامة في سوريا.
تميز الحوار بالروح الإيجابية، والتأكيد على أن الإنسان هو محور العمل، وأن التنمية تبدأ من الداخل، بالشراكة مع كل من يسعى للإنتاج والمساهمة.
عثمان قال: إن المنتج السوري يستحق أن يكون الخيار الأول في كل عملية شراء، لما يتمتع به من جودة وقدرة على المنافسة.
وأوضح أنه يوجه دائماً فريق البرنامج بالتحقق من توفر البضائع محلياً، ومراجعة جودتها وسعرها، قبل اللجوء إلى الاستيراد.
وأكد أن الهدف القادم هو تحويل المنتج المحلي إلى مصدر للتصدير، وتعزيز حضوره في الأسواق الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن دعم الصناعة الوطنية هو خطوة أساسية نحو الاستقلال الاقتصادي.
وأضاف أن البرنامج لا يكتفي بشراء المنتج المحلي، بل يسعى إلى تطويره عبر تقديم ملاحظات تقنية للموردين، وتشجيعهم على تحسين التغليف، وضبط الجودة، وتخفيض التكاليف.
وأشار إلى أن هذا التوجه يخلق دورة اقتصادية داخلية، تعزز من فرص العمل، وتقلل من الاعتماد على الخارج.
كما تحدث عن الشركات الجديدة التي تسعى للدخول في منظومة التوريد، وقال: إن البرنامج يرحب بها متى امتلكت سجلاً تجارياً، ومن الممكن تجاوز شرط أن يكون لديها حضور لمدة ثلاث سنوات في السوق، موضحاً أنها رغم التحديات، تحمل أفكاراً مبتكرة، وتستحق فرصة للمشاركة في بناء الاقتصاد المحلي.
وبين أن البرنامج يعمل على تسهيل الإجراءات، وتقديم الدعم الفني، بما يضمن دمجها في منظومة العمل بشكل منظم وفعال.
وأضاف أن البرنامج لا يضع شروطاً تعجيزية، بل يسعى إلى احتضان المبادرات الجادة، ويمنحها فرصة للتعلم والتطور، عبر ورشات تدريبية ومرافقة تقنية.
وأكد أن الشركات الناشئة تمثل طاقة متجددة في السوق، وأن دعمها يساهم في خلق بيئة أعمال أكثر ديناميكية وتنوعاً.
آلية شفافة
وبين عثمان أن كل طلب يقدم للبرنامج يعتبر فرصة شراكة، وليس مجرد معاملة إدارية.
أوضح أن التسجيل يتم عبر آلية واضحة، وأن التواصل مع الأقسام المختصة متاح بشكل مباشر، سواء عبر البريد الإلكتروني أو اللقاءات الشخصية.
ونوه بأن الشفافية هي أساس العلاقة مع الموردين، وأن البرنامج يحرص على الرد السريع، وتقديم المعلومات الكاملة لكل جهة راغبة في التعاون.
لافتاً إلى أن البرنامج يعتمد نظاماً دورياً لتحديث قاعدة الموردين، ويمنح الأولوية للجهات التي تلتزم بالمعايير وتظهر استعداداً للتطوير.
كما شدد على أن كل جهة تتواصل مع البرنامج تعامل باحترام، وتمنح فرصة متكافئة، بعيداً عن أي تمييز أو تفضيل وتحدث عثمان عن فرص الشركات متوسطة الحجم في التوريد، وقال: إن البرنامج يفتح المجال أمام كل جهة تلتزم بالمعايير الفنية واللوجستية، وأن هناك برامج تدريبية لتطوير مهارات الموردين في مجالات سلاسل التوريد، والمراقبة، والمعايير الدولية، وحتى الأجهزة الطبية.
وذكر أن المشاركة تمتد إلى بناء قدرات محلية، وتمكين الشركات من المنافسة في السوقين المحلي والدولي.
وأضاف أن البرنامج يسعى إلى خلق بيئة أعمال متكاملة، حيث لا تقتصر العلاقة على البيع والشراء، بل تشمل التوجيه، والتقييم، والتحسين المستمر.
وأشار إلى أن الشركات التي تنخرط في هذه المنظومة تكتسب خبرات جديدة، وتصبح أكثر قدرة على التوسع والنمو.
أطفال مهمشون
أيضاً من خلال الرد على التساؤلات بين عثمان أن البرنامج يولي اهتماماً خاصاً للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل المصابين بالتوحد أو ذوي الإعاقات الحركية.
وأوضح أن هناك تعاوناً مستمراً مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتوفير الدعم والرعاية، ضمن لجنة مشتركة تتابع تنفيذ البرامج وتقييم الاحتياجات.
وشدد على أن كل طفل يستحق فرصة، وأن الجمعيات العاملة في هذا المجال تعتبر شريكاً أساسياً في تحقيق الأثر الإنساني، وأن البرنامج يعمل على تصميم تدخلات مخصصة حسب نوع الإعاقة، ويحرص على إشراك الأهل في عملية الدعم، بما يضمن استدامة الأثر.
وأشار إلى أن الأطفال في الشوارع، والأيتام، والفئات غير المستهدفة سابقاً، أصبحت ضمن أولويات البرنامج، ويتم العمل على إدماجهم في برامج الحماية والدعم النفسي والاجتماعي.
وطلب من ممثلي الجمعيات ضرورة التسجيل في وزارة الشؤون الاجتماعية،لأن هذا الإجراء يفتح الباب أمامها للمشاركة الفاعلة في البرامج.
وأوضح أن البرنامج يتعامل مع جميع المحافظات بنفس الآلية، ويولي اهتماماً خاصاً للمناطق التي تواجه تحديات لوجستية.
كما أكد أن التسجيل يمنح الجمعيات فرصة أكبر للحصول على الدعم، والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنسانية المشتركة، وأن البرنامج يسعى إلى تطوير قدراتها، عبر تقديم تدريبات في مجالات الإدارة، والتوثيق، والمساءلة، بما يضمن جودة الخدمات المقدمة للمجتمع.
تواصل مباشر
وبين ان باب التواصل مع البرنامج مفتوح دائما، وإن أي جهة ترغب في التسجيل أو الاستفسار يمكنها التواصل مباشرة.
وذكر أن الفريق يرد بسرعة، ويشرح الآليات، ويرافق كل جهة في خطواتها الأولى.
حيث يعتمد البرنامج سياسة الباب المفتوح، ويستقبل الملاحظات والاقتراحات، ويعتبرها جزءاً من عملية التحسين المستمر، لأن هذا النوع من التواصل يعكس احترام البرنامج للشركاء المحليين، ويعزز من الثقة المتبادلة.
وتحدث عثمان عن الخطط المستقبلية للبرنامج في سوريا، مؤكداً إن المرحلة القادمة تحمل فرصاً جديدة لتعزيز الاستقلالية والتمكين.
و أن البرنامج يعمل على إطلاق برامج مساعدات نقدية مباشرة للمواطنين، بما يمنح العائلات حرية اختيار احتياجاتها، ويعزز من قدرتها على التخطيط لحياتها.
وهناك تنسيق مستمر مع المصرف المركزي لتأمين السيولة اللازمة، وأن شركات الحوالات المالية المحلية مدعوة للتسجيل والتعاون.
منوهاً أنه في حال تعذر تقديم النقد مباشرة، يتم تحويل الدعم إلى بطاقات إلكترونية تستخدم في المحلات التجارية.
وأوضح أن الهدف هنا يتجاوز تقديم المساعدة، ليصل إلى تمكين المجتمعات، وتدريب الكوادر السورية، وخلق فرص عمل مستدامة.
وشدد على أن البرنامج يسعى ليكون جسراً للتعافي والبناء، لا مجرد جهة إغاثة.
وعبر عن التزامه بقوله: “نحن هنا لتبادل المنفعة، نتعلم منكم كما نأمل أن تتعلموا منا، هذه الشراكة ليست لمرة واحدة، بل هي رحلة طويلة نحو تعافي وطني شامل”.
مسار التعافي
ختم الممثل القطري الحوار بقوله: “هدف البرنامج في سوريا بناء مجتمع منتج، متكافل، ومتطور”.
وأكد أن التعاون بين المؤسسات المحلية والدولية يشكل حجر الأساس في مسار التعافي، وأن الإنسان السوري يبقى في صلب الاهتمام، والمنتج المحلي يشكل رافعة اقتصادية، والشراكة تضمن الاستمرارية.
وعبر عن ثقته بقوة المجتمع السوري، قائلاً: “سوريا تستحق الأفضل، وشعبها قادر على النهوض، ومعاً نخطو بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً، وأكثر عدالة، وأكثر كرامة”.