تبذيرٌ بلا صرف..؟!

بات التضخم مذهلاً يصعب تصوره، لدرجة أن من يمتلك مليون ليرة اليوم فإنها لم تعد توازي بقيمتها الشرائية أكثر من / 3850 / ليرة في عام 2010 وما قبل، في حين كان متوسط الرواتب في تلك الأيام نحو / 16 / ألف ليرة، أي بما يوازي اليوم نحو / 4 / ملايين و / 160 / ألف ليرة، مقوّمة على سعر الصرف المتذبذب ( 13 ) ألف ليرة للدولار، أي أن المليون اليوم تساوي بقيمتها الشرائية نحو ربع راتب تلك الأيام.
وعلى الرغم من الصدمات الحياتية التي نتلقاها إزاء هذا الواقع الصعب، وعلى الرغم من اللامعقوليّة التي حلّت بالرواتب والأجور، والتي تقتضي زيادتها بشكل طبيعي أضعاف مضاعفة حتى نتوازن من هذا الترنّح في العيش، فإننا اليوم لن نناقش موضوع زيادة الرواتب والأجور، باعتبارنا ما نزال بانتظار نتائج لجنة الجلسة الاستثنائية بين مجلسي الشعب والوزراء.
اليوم سنناقش حالة أصحاب حسابات التوفير في المصارف، الذين نُكِبوا بشكل كبير من خلال ذوبان رصيدهم والذي صار يليق به اسم حساب التبديد أو الاستنزاف.
هذا الحساب كان يحق لصاحبه أن يحصل على فوائد لسقف يصل إلى المليون ليرة، أي من كان لديه ثلاثة أو أربعة ملايين في حسابه – مثلاً – يحصل في كل عام على فوائد عن المليون ليرة الأولى فقط، وما زاد عن ذلك يحتفظ بها البنك تحت الطلب ولكن بلا فوائد.
السلطات النقدية لاحظت حالة التضخم وتبدلات سعر الصرف وانعكاس ذلك على القوة الشرائية لليرة فرفعت سقف المليون إلى خمسة ملايين ليرة في حساب التوفير وصارت تستحق الفائدة، وقد مضى على هذا الإجراء نحو خمس سنوات، غير أن ما جرى لأسعار الصرف في الخمس سنوات الأخيرة كان أشد قسوة بكثير من كل السنوات السابقة، والخمسة ملايين ليرة التي تستحق الفائدة لم تعد قيمتها أكثر من / 19250 / ليرة قياساً بسعر الصرف وفروقاته بين اليوم وما قبل الأحداث وانعكاسه على القوة الشرائية.
فقبل الأحداث كان سعر صرف الدولار شبه مستقر على الخمسين ليرة، أي أن المليون ليرة كانت توازي نحو / 20 / ألف دولار، والخمسة ملايين ليرة / 100 / ألف دولار.
وعلى الرغم من صعوبة إجراء أي حسابات دقيقة اليوم بسبب اضطراب سعر الصرف، ولكن دعونا نحسبها وسطياً على أساس / 13000 / ليرة للدولار اليوم، فإن العشرين ألف دولار – قيمة المليون ليرة سابقاً – باتت توازي في هذه الأيام نحو / 260 / مليون ليرة، والحقيقة الصادمة هي أن تلك المليون ليرة لم تعد توازي أكثر من / 77 / دولار اليوم أي فقط / 3850 / ليرة..!.
أما الخمسة ملايين ليرة والتي كانت توازي / 100 /ألف دولار تُعادل بسعر الصرف اليوم مليار و/ 300 / مليون ليرة، فإنها – أي الخمسة ملايين ليرة – لم تعد توازي اليوم سوى / 385 / دولار، أي بالفعل / 19250/ ليرة أيام زمان. فتخيلوا هذه الفروقات العميقة كيف أصبحت عبئاً مثيراً للمزيد من القلق والإحباط في حسابات التوفير التي تحولت إلى إنفاق مفرط بلا استهلاك ولا استثمار طبعاً، وإلى تبذيرٍ بلا صرف..!.
ما نريد قوله أن السقف الخاضع للفائدة المحدد بخمسة ملايين ليرة في حسابات التوفير لم يعد معقولاً في ظل هذه المعطيات، ولم يعد لائقاً بحق مصارفنا أصلاً، وقد اهترأ نضجاً من أجل الإسراع بإعادة النظر به.

آخر الأخبار
الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا