الثورة :
حذر الشيخ ليث البلعوس، القيادي في فصيل “شيخ الكرامة” وممثل “مضافة الكرامة” في محافظة السويداء، من التهديدات المتزايدة التي يتعرض لها الناشطون المطالبون بالحوار مع الدولة السورية، مؤكداً أن الأصوات الداعية إلى وحدة الصف ورفض الفوضى تواجه ترهيباً ممنهجاً من الفصائل المسلحة المسيطرة على المحافظة.
وفي تصريحات أدلى بها لقناة “الإخبارية السورية”، أوضح البلعوس أن “مضافة الكرامة” سعت في الأشهر الماضية إلى فتح قنوات تفاهم مع الشيخ حكمت الهجري، بغرض تعزيز الموقف الوطني المشترك، لكنها لم تلق تجاوباً كافياً، وسط رفض معلن لأي تقارب مع الحكومة السورية.
ورفض البلعوس بشدة الخطابات الداعية للتطبيع مع إسرائيل، مشيراً إلى أن “الغالبية الساحقة من أبناء الجبل يرفضون أي شكل من أشكال العلاقة مع الكيان المحتل، رغم محاولات إسكاتهم أو تهميشهم”، وقال: “لا مبرر وطني أو أخلاقي للتقرب من جهة لطالما كانت عدواً للشعبين السوري والفلسطيني”.
إرث البلعوس الثوري
يعود حضور عائلة البلعوس إلى بدايات الثورة السورية عام 2011، حين أسس الشيخ وحيد البلعوس تشكيل “رجال الكرامة”، رافعاً شعار الحياد الطائفي ورفض المشاركة في حرب النظام، رسّخ حينها نهجاً واضحاً بالدفاع عن السويداء، لا عن النظام، ما أكسبه تأييداً شعبياً واسعاً، وخاصة في أوساط الشباب.
رغم علاقاته المتوترة مع مشيخة العقل، ظل البلعوس شخصية مركزية في الحياة العامة، إلى أن اغتيل في 4 أيلول/سبتمبر 2015 بعبوة ناسفة استهدفت موكبه، في حادثة اتهمت المعارضة حينها نظام الأسد بتدبيرها.
بعد اغتياله، تولى أبناؤه، وعلى رأسهم الشيخ ليث البلعوس، مواصلة المسار ذاته من خلال تأسيس فصيل “شيخ الكرامة”، الذي حافظ على تنسيقه مع “رجال الكرامة”، لكنه احتفظ باستقلاليته التنظيمية والعقائدية.
من المعارضة إلى الشراكة مع الدولة الجديدة
خلال حراك صيف 2023 في السويداء، عاد ليث البلعوس إلى الواجهة بدعمه للتظاهرات الشعبية، وأعاد تفعيل قواته، مؤكداً تمسكه بمطالب الإصلاح الجذري ورفض الحوار مع النظام السابق.
واتهم إيران حينها بلعب دور تخريبي من خلال نشر المخدرات وتصفية المعارضين في الجنوب.
وعقب معركة “ردع العدوان” في أواخر 2024، التي أسهمت في إسقاط نظام الأسد، شارك البلعوس في غرفة عمليات الجنوب، ثم التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في شباط 2025، ضمن وفد من وجهاء السويداء، في لقاء شكّل بداية إعادة ترميم العلاقة بين دمشق والجبل.
وأكد البلعوس في تصريحات أعقبت اللقاء أن “السويداء لا تحتاج لأي وصاية خارجية، بل لشراكة وطنية تعيد بناء سوريا”، واعتبر أن دعوات التعاون مع إسرائيل “امتهان للكرامة وخيانة لتاريخ السويداء”.
مواقف ثابتة رغم التهديد
لم تمر مسيرة الشيخ ليث دون محاولات اغتيال، إذ نجا من استهداف مباشر مرتين، آخرهما في أيار 2025، أثناء توجهه إلى مدينة شهبا.
رغم ذلك، واصل التأكيد على التمسك بوحدة سوريا ورفض المشاريع الانفصالية أو الفوضى الأمنية.
وفي تموز 2025، ومع تصاعد الاشتباكات بين قوات العشائر وفصائل مسلحة مرتبطة بالشيخ حكمت الهجري، دعا البلعوس إلى التهدئة، مطالباً الدولة بالتدخل لضبط الوضع وإنهاء الانتهاكات، مجدداً التأكيد على أن “الدروز لا يحتاجون لحماية من أحد، بل لحل وطني شامل يحفظ كرامة الجميع”.
عائلة البلعوس: نموذج للمصالحة على قاعدة الكرامة تمثل عائلة البلعوس في السويداء اليوم نموذجاً فريداً لجيل انتقل من المعارضة الثورية إلى الشراكة الوطنية، دون التخلي عن مبادئه أو التفريط بكرامة الجبل، مسار يجمع بين مقاومة الاستبداد ورفض التدخلات الخارجية، في سبيل الحفاظ على السويداء ضمن وطن موحد ومستقر.