الثورة – إيمان زرزور:
تشهد سوريا في السنوات الأخيرة تصاعداً لافتاً في أعداد حوادث السير، حيث تتسبب سنوياً بمئات الوفيات والإصابات، في ظل واقع مروري متدهور، وبنية تحتية مدمّرة لم تعد تحتمل المزيد من الإهمال، فلم تعد هذه الحوادث مجرّد أرقام في تقارير رسمية، بل باتت أزمة تهدد حياة السوريين بشكل يومي، مدفوعة بجملة من العوامل التي تعكس فوضى النقل وانهيار البنية القانونية والخدمية في البلاد.
أشارت التقارير إلى أن أسباب الحوادث متعددة ومركّبة، من أبرزها تردّي أوضاع الطرق العامة، وامتلاؤها بالحفر، وغياب الإنارة، وعدم وجود إشارات مرورية واضحة، كما أن السرعة الزائدة، وتجاهل قواعد السير، والقيادة من دون رخصة أو من قبل مراهقين، ساهمت جميعها في مضاعفة خطر الحوادث.
وازدادت المشكلة تفاقماً في ظل انعدام الرقابة المرورية، وغياب الدوريات في معظم المناطق، بالإضافة إلى الانتشار الواسع لاستخدام الهواتف أثناء القيادة، أو قيادة المركبات تحت تأثير الأدوية المهدئة أو المنبّهات.
خلفت حوادث السير مآسي اجتماعية وإنسانية كبيرة، أبرزها فقدان الكثير من الأسر لمعيلها نتيجة حادث مفاجئ، إلى جانب وقوع إعاقات دائمة لدى مصابين في أعمار صغيرة، وأدت هذه الحوادث إلى أعباء صحية ومالية باهظة في ظل ضعف المنظومة الطبية، كما تسببت بأزمات نفسية عميقة للناجين وأهالي الضحايا، ولاسيما الأطفال الذين شهدوا المأساة أو فقدوا أحد أفراد عائلاتهم.
ورغم وجود قانون للمرور في سوريا، فإن تطبيقه يعاني من ضعف شديد، حيث يفلت كثير من المخالفين من المحاسبة، إما بفعل المحسوبيات أو بسبب غياب وسائل المراقبة الإلكترونية كالكاميرات والرادارات، وتبرز الحاجة الملحّة لتحديث القوانين المرورية، وتشديد العقوبات خصوصاً بحق من يكرر المخالفات أو يقود بتهور يهدد حياة الآخرين.
طرحت جهات مختصة عدة مقترحات للحد من هذه الكارثة اليومية، أهمها إطلاق حملات توعية مرورية في المدارس والجامعات، والبدء بصيانة الطرق وتوسيعها مع وضع إشارات مرورية واضحة، بالإضافة إلى فرض رقابة إلكترونية صارمة لضبط السرعة والمخالفات.
كما دعت إلى تشديد شروط منح رخص القيادة، والتأكد من كفاءة المتقدّمين لها عبر تدريب فعلي.
وأوصت بتسليط الضوء على قصص مؤلمة واقعية من ضحايا الحوادث، بهدف التأثير في وعي السائقين، ولاسيما فئة الشباب.
تحوّلت حوادث السير في سوريا إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تتجاوز كونها مجرد أخطاء فردية، لتصبح نتيجة طبيعية لفوضى مستشرية في النظام المروري وغياب الردع، وبينما يتواصل نزف الأرواح على الطرقات، لا تزال الإجراءات الحازمة غائبة، والوعي المجتمعي قاصراً عن إدراك حجم الكارثة، وباتت حماية حياة السوريين التزاماً جاداً بالتطبيق، وتعاوناً جماعياً يضع سلامة الإنسان فوق كل اعتبار.