الملحق الثقافي – بقلم: توفيق أحمد :
في عام/1990/ استقبلتني برفقة زوجتي الأديبة الكبيرة كوليت الخوري في منزلها بحيّ القصاع بدمشق، وكانت آنذاك عضواً في مجلس الشعب، وتعمّقت علاقتي بها لكوني كنت مندوباً رسمياً للإذاعة والتلفزيون إلى مجلس الشعب..
كما أنني كنت أوّل إعلامي إذاعي تلفزيوني يُسمحُ له بالدخول إلى قاعة اجتماعات مجلس الشعب ويُسجِّل على الكاسيت كُلّ مجريات الحوار التي تنشأ في القاعة، وأهمُّها تلك التي تجري بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. كما أنني أعددت برنامجاً أسبوعياً إذاعياً استمّر حتى عام /2002/ بشكل أسبوعي وذلك لمدة ثلاثة عشر عاماً، وكان عنوانه (الرأي الحر)
في عامي (2015-2016) استقبلتها مراتٍ كثيرةٍ في مكتبي في الهيئة العامة السورية للكتاب عندما كنت مديراً عاماً لهذه الهيئة التابعة لوزارة الثقافة، وتمت طباعة عددٍ من كتبها بكلِّ يُسر وسهوله واحترام لمسيرتها الأدبية والاجتماعية والسياسية الممتدة حتى زمن جدها المناضل فارس الخوري.
أجريتُ معها عدداً من الحوارات لصالح الإذاعة والتلفزيون خلال الثلاثين سنة الماضية وفي السنتين الأخيرتين زرتُها عدة مرات في منزلها برفقة السيد رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني وبعض أعضاء المكتب التنفيذي وبعض الأدباء اطمئناناً على صحتها ومن أجل حوارٍ دافئٍ دائمٍ مع قامتها التي نحترمها..
أغلب حواراتنا في منزلها كانت حول رسائل الشاعر الراحل نزار قباني لها بخطِّ يده ورسائلها هي له.. اتفقنا عدة مرات على طباعتها ولكنها لم تستطع أن تُسَلِّمنا أيّاً من هذه الرسائل لشدةِ التصاقها بروحها وتاريخها عندما كانت شابّةً وإلى الآن. وقد قالت لنا عدّة مرات: (أنا تركتُهُ بسب امتداد علاقاتهِ الأخرى) ومازلنا نحاول معها لترى هذه الرسائل النور لأهميتها ومصداقيتها والتي تعبّر عن كثير من المسائل التي جرت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي..
كوليت الخوري أميرة وروائية وشاعرة وسيدة مجتمع، مَنْ يجالسها لا يُمكن أن ينساها لشدةِ ظرافتها وحيويتها وثقافتها، بحيث أستطيع القول إنَّها تُمَثّلُ حقبةً من تاريخ سورية الحافلة بكلّ أنواع المعارف المجتمعية والأدبية والسياسية.. بل وعلاقات سورية مع دول الجوار والعالم.
وأُوردُ هنا أنها وزوجها السيد طوني وكل من هم حولها هم أصدقاؤنا.. ورحم الله ابنتها نارا مرسيدس التي فارقت الحياة وهي في عز شبابها..
كوليت الخوري أيقونةٌ عربيةٌ سوريةٌ ورمزٌ فكريٌ أدبيٌ واجتماعي شكلت ظاهرةً فريدةً في السلوك الوطني والأخلاقي والحضاري، أتمنى لها وافر الصحة والسلامة لتبقى تزيّن جلساتنا بكل ما هو مفيد.
نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب
العدد 1157 التاريخ:29-8-2023