الثورة – فردوس دياب:
يعاني بعض الأطفال من مشاكل في النطق واللغة، وقد يتطور هذا الأمر إذا لم ينتبه له الأهل في الوقت المناسب، ليصبح إعاقة دائمة عند الطفل تهدد مستقبله وتعترض طريق حياته ونجاحه، وتسبب الألم والوجع لوالديه وأسرته الذين يقفون عاجزين عن تقديم أي شيء بعد فوات الأوان.
هذا الموضوع الهام (تشخيص وتقييم الاضطرابات النطقية واللغوية).. كان محور فعاليات الدورة التدريبية التي أقامتها الجمعية السورية للعلوم النفسية على مدار ثلاثة أيام، بهدف التعريف بالاضطرابات النطقية وآثارها ونتائجها وبأهمية التشخيص المبكر لعلاجها.
صحيفة “الثورة” غطت فعاليات الدورة، والتقت الدكتورة بشرى بركات الأستاذة في كلية التربية بجامعة دمشق والتي كانت المحاضرة الأساسية فيها.
دور الأهل..
بركات استهلت حديثها بضرورة انتباه الأهل للكيفية والطريقة التي ينطق بها أطفالهم الحروف والكلمات، وفي حال كان هناك صعوبة أو اضطراب في النطق، فإنه يتوجب عليهم معالجة هذا الأمر عن طريق الاختصاصي في هذا الشأن الذي يجب عليه هو الآخر وضع خطة علاجية لعلاج مشكلة الاضطراب النطقي عند الطفل.
وأشارت الدكتورة إلى أبرز الأخطاء التي يقع بها الوالدان والتي تؤثر سلباً على قدرات الطفل اللغوية، مثل، إبقاء الطفل فترات طويلة أمام التلفاز، إدخال لغة ثانية في الوقت غير المناسب، بقاء الطفل يلعب لساعات بمفرده، عدم الانتباه إلى مؤشرات نقص السمع عند الطفل، السخرية على كلام الطفل، مقاطعة الطفل كثيراً وعدم السماح له بإكمال جملته، اللجوء إلى علاجات شعبية والتمسك بها في حال وجود مشكلة لغوية، التأخر في استشارة الأخصائي عند وجود مؤشرات لمشكلة لغوية.
التواصل السليم..
وفي معرض حديثها عن أبرز وأهم المحاور والعناوين، أوضحت الأستاذة في كلية التربية أن الورشة تناولت مواضيع ومحاور هامة، منها التواصل اللغوي السليم ومكوناته من صوت ونطق وطلاقة وسمع، بالإضافة إلى اللغة التي تعتبر وسيلة للتعبير عن الرغبات والحاجات التي تساعد الفرد على تنظيم الأفكار، وكذلك القدرات المعرفية السليمة التي تسهم في في تكوين لغة سليمة.
ومن المحاور الهامة التي تضمنتها الورشة، أضافت بركات: الحديث عن مهارات ما قبل اللغة الأساسية والتي تشمل التواصل البصري، والتقليد، والانتباه المشترك، ورافق ذلك أنشطة للتدرب على تنمية هذه المهارات.
وتطرقت الورشة أيضاً بحسب بركات إلى موضوع اللغتين الاستقبالية والتعبيرية، حيث عرفت الأولى بأنها القدرة على فهم الرسائل اللغوية(ضع الكرة في السلة، دل على الصورة)، والثانية بأنها القدرة على إنتاج الرسائل اللغوية الملائمة (مثال: سمي الصورة).
اكتساب اللغات..
وأتت الدكتورة بركات على ذكر المراحل الزمنية لاكتساب اللغتين الاستقبالية والتعبيرية بالنسبة للطفل، ففي اللغة الاستقبالية يبدأ الطفل بفهم الأفعال (أكل شرب) ثم ينتقل بعدها إلى مرحلة فهم بعض الضمائر ( أنا، أنت ) ثم يفهم الطفل التعليمات المكونة من أمرين أو ثلاثة، أما فيما يخص اللغة التعبيرية أول ما يبدأ الطفل بمرحلة إنتاج المقاطع (بابا دادا ) ثم في نهاية السنة الأولى يصبح جاهزاً لنطق كلمة واحدة، وفي عمر( ٢-٣) سنوات يصبح بإمكانه تكوين جملة من كلمتين وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الكلام التلغرافي حيث تكون الجمل غير صحيحة نحوياً، وفي عمر ٣- ٤ سنوات يصبح بإمكانه تكوين جملة من ثلاث أو أربع كلمات وفي ٤-٥ سنوات يكون جملة طويلة ويصنف الأشياء إلى مجموعات والإضافة إلى تسمية الألوان وبعض الصفات.
وعددت الدكتورة بشرى مستويات اللغة بدءاً من المستوى الأول وهو المستوى الفونولوجي ويقصد به إنتاج الأصوات وترتيبها لتشكيل كلمات، مروراً بالمستوى الثاني وهو المستوى الصرفي النحوي ويقصد به القدرة على ترتيب الكلمات لتشكيل جمل والقدرة على استعمال القواعد النحوية بشكل صحيح، والمستوى الثالث هو الدلالي والذي يشير إلى القدرة على تسمية الأشياء وتصنيفها ضمن مجموعات ضمنية (مجموعة الفواكه، الخضراوات، وسائل النقل)، وصولاً إلى المستوى الأخير وهو البراجماتي والذي يشير إلى قدرة الفرد على إجراء محادثات وطرح أسئلة والإجابة عنها، والحديث المناسب في الوقت المناسب.
صعوبات النطق..
وأوضحت الأستاذة في كلية التربية أن الصعوبات التي تعترض كل مستوى من المستويات تتجلى بحذف المقطع الأخير من الكلمة وعدم القدرة على تركيب جمل نحوية صحيحة، إضافة إلى حذف حروف الجر وظرف الزمان والمكان وصعوبة استخدام الفعل بالشكل الصحيح كأن يقول الطفل “ذهبت غداً إلى الحديقة”، بدلاً من “سأذهب غداً إلى الحديقة”، وكأن يقول الطفل كلمة كلب للإشارة إلى كل الحيوانات، أو تفاحة للإشارة إلى كل الفواكه، ويقلد صوت الشيء بدل من نطقه، وكذلك صعوبة طرح الأسئلة أو الإجابة عنها ومقاطعة الآخرين أثناء الحوار أو الانتقال من موضوع إلى آخر.
خطط علاجية..
وعددت الدكتورة بركات الخصائص اللغوية لطفل (التوحد) وهي صعوبة تركيب الجمل و استخدام الضمائر، والمصاداة ( ويقصد بها ترديد الكلام وتقسم إلى مصاداة فورية والتي تتضمن نطقاً فورياً لكل ما يسمعه الطفل من كلمات، ومصاداة متأخرة وتتضمن تكراراً للكلمات ولكن بعد ساعات أو أيام أو أسابيع).
بركات ختمت حديثها بعرض مجموعة من التدريبات العملية لعلاج مشكلة المصاداة، بالإضافة إلى برنامج بيكس والذي يعتبر أسلوباً فعالاً للتواصل مع طفل التوحد.