الثورة – ناصر منذر:
تأتي زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين، تتويجا لما تشهده العلاقات السورية الصينية من تطور متنام في مختلف المجالات، لاسيما وأن العلاقات التاريخية بين البلدين مبنية دوما على الثقة والرؤية المشتركة بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين، ولذلك هي تزداد اليوم رسوخاً، في ظل ما يجمعهما من قواسم مشتركة في تعاطيهما مع العديد من القضايا الدولية، إذ يرفضان معا سياسة الهيمنة الأميركية، والتدخل الغربي السافر في شؤون الدول الأخرى، ويدافعان بقوة عن قواعد الشرعية الدولية انطلاقاً من احترامهما للقرارات والمواثيق الأممية.
القمة جاءت في ظل تعقيدات المشهد الدولي، التي تفرضها سياسة الهيمنة الأميركية على الساحة الدولية، وما يشهده العالم من تحولات كبيرة نحو التعددية القطبية، هذه التحولات التي أفرزتها مواقف الدول الرافضة للنهج الأميركي المدمر للعلاقات الدولية، وإصرارها على مواجهة هيمنة القطب الواحد التي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ عليه خدمة لمصالحها الاستعمارية على حساب مصالح وحقوق الشعوب الأخرى، وقد أكد الرئيس الأسد بهذا الصدد، “أن هذه الزيارة مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكل اليوم عالم متعدد الأقطاب سوف يعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجب الجميع التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد”.
خلال القمة، بدا واضحاً ثبات الموقف الصيني الداعم لسورية، حيث أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ “حرص بلاده على بذل جهود مشتركة بشكل مستمر لتبادل الدعم الثابت بين البلدين، وتعزيز التعاون فيما بينهما للدفاع عن العدالة والسلم الدوليين”، وشدد بكل وضوح على أن “العلاقات السورية – الصينية صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية منذ 67 عاماً، ولا تزال الصداقة بين البلدين راسخة مع مرور الزمن”، ولا تنفك الصين عن تجديد دعمها لسورية في الحفاظ على استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها، ورفضها كل أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، وسبق لها أن استخدمت إلى جانب روسيا، حق النقض الفيتو في مجلس الأمن مرات عدة للدفاع عن سورية، فضلا عن مواصلة تقديمها للمساعدات، لاسيما في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في شباط الماضي.
كذلك هي سورية، لم تتوقف أبدا عن دعمها الكامل للصين ووحدة أرضها وشعبها، وتمسكها بمبدأ الصين الواحدة، وثبات موقفها الرافض لأي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية، وكذلك تأييدها للمبادرات الصينية الهادفة إلى تحقيق الأمن والتنمية للجميع عبر التكامل لا عبر الصدام، انطلاقا من أن الرؤية الصينية للعالم مختلفة جذرياً عن الرؤية الغربية، لأنها تؤمن بكرامة وسيادة وحرية الشعوب الأخرى.