كالمتوالية الحسابية التي لا تقف عند حد يتغول التضخم بشكل أسبوعي ويلتهم كل ما يحصل عليه الفرد من دخل، لدرجة لم يعد من الممكن وضع ميزانية حتى أسبوعية لنفقات الأسرة، ولا يمكن لجهة بحثية كانت أم تقنية حساب مقدار تغيّره الحقيقي الذي يسيطر على كل مناحي الحياة.
الغلاء يلتهم كل شيء ويتجاوز حتى سعر الصرف، فالبائع ومن قبله الموزع وانطلاقاً من المستورد والتاجر لا يفرّطون بليرة واحدة من ربحهم، فلا هم يقبلون بتنزيله 1% مثلاً، ولا يقبلون بتأجيل درجة مئوية واحدة منه إلى حين ميسرة، فالربح لديهم مقدّس، أما إن شابه الغلاء وتهدد جزء منه فالحل الوحيد رفع السعر على المواطن الذي يبدو أنه قادر على تحمّل أي غلاء لكونه لا يزال يشتري.. ولو كفاف يومه.
من يراقب هذا الربح الفاحش ومن يلجمه أو يضع له حداً، بل من يقبل به وهو السؤال الأهم.. المواطن لم يعد قادراً على مجاراة الغلاء منذ زمن، ولم يعد بإمكانه إلا الاستغناء عن كثير مما يحتاج يومياً، في حين يمكن إيجاد بعض الحلول لما يجري ولعل أبسط الحلول هي أنجعها، وليس طبعاً المهرجانات التسويقية التي تقام بشكل أسبوعي والتي يمكن مقارنة أسعارها بالسوق لاكتشاف أن كل تجهيزات المهرجان وأجنحة المشاركين توزع على سعر المبيع، وبالتالي فسعرها يوازي السوق تماماً.
ما الذي يمنع من إقامة أسواق جملة حقيقية على أطراف المدن أو طوقها، بحيث تكون حقيقة من المنتج إلى المستهلك وليس عبر وسيط تجاري امتهن هذه المهنة صناعة ورفع هذا الشعار لتسويق منتجه شبه الكاسد في السوق عبر مهرجان التسوق، فيتم تخصيص أكشاك أو بسطات أو حتى طاولات (كما كان الحال في بازارات بعض الدول عقب تفكك ما كان يجمعها) يعرض عليها كل منتج بضاعته، لتجتمع كل التشرذمات الإنتاجية المنزلية في سوق مركزية واحدة شعبية بكل ما للكلمة من معنى، بدلاً من التسويق الإلكتروني الذي يكلّف التوصيل أو الشحن وسواها مما يُطلب فوق السعر المعلن.
لا بد من حل للمعيشة اليومية ومتطلباتها، فالغلاء شرس جداً والتاجر والصناعي لا يرحم والمواطن ليست لديه القدرة، فليس أقل من حل لا يكلّف أي جهة عامة كانت أم خاصة شيئاً.. والأفضل إشراف جهة عامة على التنظيم فقط لا غير.