الثورة – إخلاص علي:
يبدو أن الفرز الاجتماعي أصبح على أساس القدرة الشرائية، فالغني يذهب إلى الماركات، وذو الدخل المتوسط يقصد المحال العادية، فيما يلجأ الفقير إلى البسطات والبالات، والأمر لم يقتصر على سلعة معينة، وإنما يشمل كل شيء من اللباس حتى الحلويات.
من خلال جولة سريعة على محال الحلويات يُمكن أن تسمع الكثير من الشكوى من الطرفين، البائع والشاري، إحدى السيدات وهي موظفة بإحدى المؤسسات الحكومية قالت في حديث لـ”الثورة”: إنها تشتري المعمول والبيتفور من “البسطة” بأسعار رخيصة، لكنها ليست بجودة حلويات المحال، إلا أنها لا تريد أن تحرم أبناءها من تناولها في العيد.
فيما تفضّل سهام، وهي ربة منزل، صناعة حلويات العيد في المنزل نظراً لانخفاض تكاليفها مقارنة بالحلويات الجاهزة التي يعادل ثمن الكيلو الواحد منها راتبها الشهري.
وفي تفاصيل الأسعار التي سجلناها من خلال جولة في بعض أسواق دمشق تباينت الأسعار من محل لآخر حسب المنطقة والمحل، وسجل كيلو العوامة والمشبك من 25 – 40 ألف ليرة سورية، والوربات بالقشطة من 5 – 8 آلاف ليرة للقطعة، بينما الوربات بالفستق الحلبي بين 6 – 10 آلاف للقطعة، وفيما يخص النابلسية والمدلوقة فسجلت 70 – 85 ألف ليرة سورية للكيلو.
وكان سعر كيلو القطايف 20 ألف ليرة، والقشطة من 50 – 70 ألفاً، بينما العصملية والنمورة فسجلت 70 – 100 ألف للكيلو، أما البرازق والبيتفور والمعمول فتتراوح أسعارها بين 140 – 180 ألف ل.س للكيلو الواحد، والهريسة بين 70 – 100 ألف ل.س للكيلو.
كمالية
وحسب الطبقات، ما سمعناه وشاهدناه نقلناه بدورنا إلى رئيس جمعية الحلويات بسام قلعجي لعلّنا نقدم بعض الأجوبة عن سبب ارتفاع أسعار الحلويات وكيفية مراقبتها.
وأوضح قلعجي أن أسعار الحلويات تعتبر مقبولة عند بعض المصنعين ومرتفعة عند البعض الآخر، ويرجع سبب الغلاء إلى قلة الأيدي العاملة في البلاد بالدرجة الأولى، بينما غلاء الحلويات في محال الدرجة الأولى (الممتازة) مردّه كون البضاعة مشغولة بحسّ مرهف لتتناسب مع ما أسماها “الطبقة الأرستقراطية “في البلاد.
مضيفاً: إن هناك محالاً تبيع حلوياتها بأسعار معقولة جداً وذلك حسب نوعية المواد المستخدمة.
نقص باليد العاملة
وتابع: أسعار الحلويات مرتبطة باليد العاملة، فأصحاب المحال عادة يضاعفون أجور العمال خلال هذه الفترة لأن حركة البيع تقلّ بعد انقضاء العيد، وتعمل المحال بعد ذلك بنسبة ٢٠ بالمئة.
وأضاف قلعجي: العامل يضع شروطه ويحسب تكاليف وسائل النقل، وكانت ١٠٠٠ل.س، فيما اليوم ٥٠٠٠، وعليه فإن أكثر ما يحدد سعر الحلويات اليوم ليس المواد التي انخفضت أسعارها، وإنما أجور اليد العاملة بالإضافة إلى الرسوم والضرائب التي ارتفعت عن العام الماضي.
من دون رقابة
وعند سؤالنا عن الجودة الجهة المعنية بمراقبة صناعة الحلويات قال قلعجي: الأجبان والألبان أساسية في صناعة الحلويات، ويتم بيعها في الطرقات دون مراقبة، فموظفو مديرية الشؤون الصحية جدد، ولا يجيدون التعامل مع أصحاب المحال وعلى رأسهم أعضاء مجلس إدارة جمعية الأجبان والألبان.
وحول آلية تسعير الحلويات
أشار إلى أنه حالياً المطلوب فقط الإعلان عن الأسعار، وللمواطن الخيار بعد أن يرى التعرفة أن يشتري أو لا، مبيناً أن التعرفة الموضوعة في المحال مبنية على حسب نوع السمن والفستق ونوعيته، لافتاً إلى أن بعض أسعار الحلويات تحددها مادة الفستق الحلبي وكميته (كالمبرومة) مثلاً، في حين النواشف (كالمعمول) التي يستعمل فيها فستق العبيد أو الجوز أو الكاجو فسعرها يكون أقل في بيان التكلفة.
وأضاف: حقيقة لا يوجد للحلويات سعرٌ مركزي، فالمبرومة من النوع الفاخر يصل سعر الكيلو منها كحد أعلى 300 ألف ليرة لكونها أغلى ما في الحلويات، ويصل الحد الأدنى لأصناف أقل نكهة وجودة لحوالي 60 ألف ليرة، حيث يتراوح سعر كيلو الفستق الحلبي الداخل في تصنيعها من 200-175 ألف ليرة.
وحول وجود حلويات رخيصة ومغشوشة في الأسواق، اعتبر قلعجي أنها مجرد تقليد للحلويات الأصلية، تدخل في تركيبها مواد رخيصة كالسمن النباتي والزبدة وفستق العبيد مصبوغ لجذب المستهلك وعبارة عن طحين وسكر وقطر وتنتج بأسلوب تجاري معين، وهي تشغِّل كثيراً من اليد العاملة وتناسب ضعيفي القدرة الشرائية ولا مشكلة في استهلاكها.
وأشار إلى أن كثيراً من المواطنين الذين تركوا وظائفهم لجؤوا إلى تصنيع الحلويات في منازلهم كمشروعات لهم وبيعها على البسطات، فأضحت الحرفة في فوضى وتحتاج إلى ضبط وتنظيم.
يبدو أن الحلويات ستبقى حكراً على فئة معينة من دون غيرها، وستبقى خارج حسابات ذوي الدخل المحدود طالما أن الراتب ثابت لا يتغير.