الثورة – هبه علي:
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنشوراته على منصات التواصل الاجتماعي فيما يخص إنهاء الحرب في أوكرانيا، لم تفض إلى أي اتفاق جدي ينهي هذه الحرب، حيث أن إمكانية التوصل إلى هدنة أو اتفاق سلام قريب ستتوقف على مدى استعداد ترامب لتحويل هجومه الكلامي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى خطوات عملية خلال الأيام المقبلة، وهو ما يستبعده “الكرملين”.
ووصف مقال نشرته وكالة CNN رد فعل ترامب على الهجمات الروسية الجوية الأخيرة على أوكرانيا بأنه “مبالغ فيه”، مشيرةً إلى أن بوتين اعتاد الإفلات من عقاب ترامب.
فبعد وصف ترامب للزعيم الروسي بـ”المجنون”، سرعان ما خففت منصته “تروث سوشيال” من حدة الانتقاد، ليتحول اللوم مرة أخرى إلى أوكرانيا ورئيسها زيلينسكي.
الباحث بمركز جسور للدراسات، والمحلل السياسي وائل علوان، أفاد في تصريح لـ “الثورة”: “إن ترامب يناور اليوم على العديد من الجبهات الدبلوماسية منها جبهتي الحرب في كل من غزة وأوكرانيا، ولا يشترط دائماً أن يكون هناك قدرة على الوصول إلى ما كان قد أعلن عنه في التصريحات بشكل سريع، فهذه المناورات السياسية تخضع لطاولة مفاوضات معقدة تتداخل فيها الكثير من القضايا.
ويضيف علوان: “اعتقد أن ترامب اليوم يتعمد التلويح بخيبة الأمل ضمن مسار تفاوضي يريد منه بالتأكيد أن يقلق بوتين من ردة الفعل التي من الممكن أن تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي ممكن أن يزيد الدعم الأوربي لأوكرانيا، وخاصة دعم بريطانيا وألمانيا وفرنسا”.
وتابع “علوان”: “لا أعتقد أن الأمور ذاهبة إلى فشل المفاوضات وإنما تحتاج إلى مزيد من الأوراق التي توضع على الطاولة”.
وفي سؤال لـ “الثورة” عما إذا كانت قد نفدت الخيارات أمام ترامب، أجاب الباحث “علوان”: “من الواضح أن ترامب لديه مجموعة واسعة جداً من الخيارات والأوراق التفاوضية والضاغطة التي يستطيع من خلالها المناورة والتحرك خاصة وأن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ليست متضررة بشكل مباشر”.
وأضاف “علوان”: “ترامب لا يفاوض عن ضعف أو قلق أو على مشكلة تمس المصالح الأمريكية، ولذلك فالوقت أمامه مفتوح، والخيارات كثيرة، والأوراق التي بين يديه متنوعة”.
وبحسب مراقبين، يمثل التصعيد الروسي الأخير ضد المدنيين الأوكرانيين اختباراً متعمداً لترامب، خاصة بعد المكالمة المثيرة للجدل بينه وبين بوتين، والتي لم تسفر عن أي تقدم نحو السلام رغم الضجة الإعلامية التي أثارها البيت الأبيض.
وتقول “CNN”: إذا تخلى ترامب عن موقفه الضعيف أمام تكتيكات بوتين، فسيجد نفسه أمام خيارين: إما فرض عقوبات جديدة على روسيا، رغم تصريحات ترامب السابقة بأن مثل هذه العقوبات قد تعوق الجهود الدبلوماسية، كما يمكنه دعم أوكرانيا عسكرياً عبر الضغط على الكونغرس للموافقة على إرسال أسلحة إضافية، على غرار ما فعله سلفه جو بايدن، لكن هذا القرار سيكون انقلاباً على سياسة ترامب نفسه المعارضة للإنفاق العسكري في أوكرانيا، وسيعني اعترافاً ضمنياً بفشله في التعامل مع بوتين.
أما الخيار الثاني، بحسب “CNN”، فهو الاستسلام للواقع والانسحاب، وهو السيناريو الذي تخشاه أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، وفي هذه الحالة قد يعلن ترامب أن الطرفين غير راغبين في السلام، ويقرر سحب الدعم الأمريكي، ما سيفتح الباب أمام روسيا لمواصلة حرب الاستنزاف وتوسيع سيطرتها، وهو ما سيهدد الأمن الأوروبي ويُضعف مكانة الولايات المتحدة.
وفقاً لـ “CNN” فإن السبب الرئيسي الذي قد يدفع ترامب لتغيير موقفه هو تهديد مصداقيته، بعد أن تبين أن وعده بإنهاء الحرب في 24 ساعة كان مجرد ادعاء. ومن الخيارات المتاحة أمام ترامب في هذا الخصوص: فرض عقوبات ثانوية تستهدف الشركات والجهات التي تتعامل مع روسيا، وهو ما يدعمه مشروع قانون قدمه السيناتوران ليندسي غراهام وريتشارد بلومنثال، والذي قد يمر بسهولة إذا أراد ترامب إرسال رسالة قوية لموسكو.
وأيضاً، تعزيز الدفاعات الأوكرانية عبر تزويد كييف بصواريخ “باتريوت” لمواجهة الهجمات الجوية الروسية. بحسب “CNN”.
ورغم مخاطر التصعيد مع روسيا، فإن حذر ترامب الزائد جعل حتى الرئيس الأمريكي السابق “بايدن” يبدو أكثر حزماً. فالرئيس الروسي نجح في دفع ترامب إلى الزاوية، حيث يقول السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا، ويليام تايلور: “لطالما سمعنا تصريحات غاضبة وتهديدات من ترامب، لكنها لم تترجم أبداً إلى أفعال”.