حول عاداتنا السيئة كجمهور لكرة القدم نتكلم، منها عادات قديمة ومزمنة كالمرض ومنها جديد استحدثه العالم الرقمي، أو هو براءة اختراع مسجلة باسمنا صرنا ننشرها حول العالم، فهكذا الدنيا الرقمية يستطيع فيها مربي دجاج في مدغشقر أن يؤثر على أكبر مالك سندات في ناسداك.
ومن عاداتنا السيئة أننا نقيّم اللاعب بعد مباراة واحدة فقط، ويحدث هذا عندنا الآن بلا منطق ولا عقل وبشكل مناف للتطور الكروي، ونعني هنا التطور الجماهيري الفكري الكروي الذي صار – عالمياً- مرتبطاً بالعقل والمنطق بينما يترسخ عندنا يوماً بعد يوم ارتباطه بالعاطفة (الغبية) المشحونة التي تخلق فضاءً واسعاً للتفلسف واستعراض المهارات من جمهور لا يمتلك هذه المهارات التي يدعيها فتجد أغلب مشجعينا أصحاب رؤية تتفوق على (زيدان) لاعباً كان أو مدرباً !! والمشكلة الكبرى أن هؤلاء المتفوقين على (زيدان) لا يكتفون بالتفلسف بل يمارسون ضغطاً فعلياً قد يؤدي إلى إنهاء عقد لاعب لم تظهر لمساته منذ أول مباراة، أو إحالته إلى دكة الاحتياط !!
عندما يكون الضغط مكثفاً وعشوائياً في الوقت ذاته على إدارة النادي ويمارسه جمهور تقوده العاطفة ولا يهمه سوى الفوز أو أشخاص داخل الإدارة لا يفقهون في علم الكرة حرفاً (تضيع الطاسة) ويتفلت القرار من بين أيدي المدير الفني، بينما وفي مثال معاكس دعمت إدارة ليفربول (يورغن كلوب) رغم خسارته سبع مباريات وخروجه من سباق الدوري وفشله في التأهل لأبطال أوروبا، وكان هذا الدعم وتجديد الثقة به سبباً لاستقرار فني وها هو ليفربول مع (كلوب) ثانياً يلاحق المتصدر.
لا يمكن الحكم على مدرب أو لاعب من أول مباراة ولا عدة مباريات فثمة خطوط بيانية لا يستطيع الجمهور العاطفي قراءتها وهي مفاتيح بيد المختصين، وإلا لماذا هم مختصون ولماذا لا يقوم الجمهور كله بتدريب الفريق؟!
انتقد أحد المشجعين أسطورة التنس (نادال) وظل يصرخ ويعلمه كيف يجب أن يلعب حتى ضاق صدر (نادال) في واقعة شهيرة وطلب من المشجع أن ينزل ويلعب مكانه، وما حصل هو أنه ومنذ أول إرسال صاروخي من الخصم التفت المشجع للجهة المعاكسة لأنه لم ير الكرة أصلاً من أين أتته فصار أضحوكة، وهذا المشجع حالة فردية نتمنى ألا تكون جماعية وأن نتحلى بالحكمة والهدوء الكافيين لترك الربان يقود سفينته كيلا يغرق ونغرق معه !!
