مع احترامنا للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، فإننا نقول لها: ليس بالضرورة أن تُصدّق كل ما تسمعه من الشركات العاملة في قطاع الاتصالات، ومن ثم تُصدر قراراتها دون تدقيق، وكأن هذه الشركات لا تنطق عن الهوى، على الرغم من أن كل الدلائل والقرائن تؤكد بأنها تمارس الهوى بشكل واضح وصريح مجبولاً بالطمع والجشع وسوء الخدمات.
ففي الوقت الذي قررت فيه الهيئة رفع أسعار الخدمات الأساسية لشركات الاتصالات بنسبة:
• 25%-35% زيادة على التعرفة الأساسية لخدمات الاتصالات الخلوية.
• 30% زيادة على خدمات الاتصالات الثابتة والإنترنيت.
على أن تطبق هذه الأسعار الجديدة اعتباراً من يوم بعد غد الثلاثاء 1 تشرين الثاني 2023. برّرت الهيئة هذا القرار بأنه يهدف لضمان استمرارية توفير الخدمات الأساسية من الشركات العاملة في قطاع الاتصالات لجميع المشتركين، وإتاحة الفرصة أمام الشركات لتغطية النفقات المترتبة على تلك الخدمات، نتيجة تأثرها بشكل مباشر بالأوضاع الاقتصادية الراهنة وما شهدته الأسواق من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وسعر الصرف.
في الحقيقة هي مبررات هامة جداً لاسيما أننا – نحن المشتركين – مُحصّنين بشكلٍ كبير لدرجة أننا لا نتأثّر بالأوضاع الاقتصادية ولا بارتفاع أسعار المشتقات النفطية، ولا بارتفاع سعر الصرف، كما أن أمورنا محلولة ولا مشكلة لدينا، فالحكومة تترصّد مثل هذه القرارات لتُسارع إلى تعديل دخلنا بما يتناسب مع مختلف المتغيرات، ولذلك كان من واجبنا نحن أصلاً وأساساً أن نرحب بقرار الهيئة هذا حتى لا نفقد الخدمات الأساسية لشركات الاتصالات، فهي تعيش حالة كارثية صعبة وتحتاجنا كي نقف إلى جانبها، فشركة سيريتل لم تكن إيراداتها خلال العام الماضي سوى / 646 / مليار ليرة سورية، كانت حصة الدولة منها / 142 / ملياراً و / 42 / مليون ليرة فقط، وبالتالي لم تربح سيريتل سوى / 124 / مليار ليرة، وهذه الأرباح تكون بعد تسديد الضريبة وكل النفقات والمستلزمات والرواتب والأجور وما إلى ذلك.
كما أن أرباح سيريتل مستمرة خلال هذا العام، فقد بلغ تدفق المزراب المالي إلى / 27,7 / مليار ليرة خلال الربع الأول من هذا العام.
أما شركة ( MTN ) فكان وضعها أسوأ حيث لم تصل إيراداتها عند منتصف هذا العام سوى إلى / 314 / مليار و / 87 / مليون ليرة، حصة الحكومة منها / 66 / ملياراً و/ 638 / مليون ليرة، لتجني أرباحاً صافية لا تتعدى / 50 / ملياراً و/ 320 / مليون ليرة.. !!
في الحقيقة من المعيب جداً أن تنبري الهيئة الناظمة للاتصالات وتستسهل الضحك على عقولنا ولحانا بمثل هذه الفجاجة وتعتبر من كل عقلها أن رفع هذه الأسعار ما هو إلا لإتاحة الفرصة أمام الشركات لتغطية النفقات المترتبة على خدماتها، فلماذا لا تختصر من تلك الأرباح الفاحشة لتغطي نفقات خدماتها..؟! ثم ليتها كانت تقدّم خدمات حقيقية، فعلى الرغم من تلك الأرباح فإن خدماتها سيئة جداً، فنحن في كثير من المناطق ترانا نقفز من مكان إلى آخر .. ومن زاوية إلى سطحٍ إلى طريق علّنا نتمكن من اصطياد إشارة لتلك الشبكة المتخلفة.
كان قرار الهيئة جائراً إلى حدّ كبير، وللعدالة والإنصاف كان عليها أن تُخفض الأسعار أمام حالتنا البائسة كمشتركين وحالة الأرباح الباهظة للشركتين وسوء خدماتها، ومن المفترض أيضاً أن تكون تلك الخدمات السيئة محطّ أنظار الهيئة التي عليها إلزام الشركتين بتحسين خدماتها وتهديدها بعقوبات إن لم تفعل، ولكن ما يجري هو أن العقوبات علينا.. ولهم التبريرات والأرباح.