الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في الوقت الذي ترتكب فيه “إسرائيل” إبادة جماعية في قطاع غزة، وبعد أن قتلت ما لا يقل عن 13 ألف فلسطيني حتى الآن، فإنها تقتل في الوقت نفسه العاملين في مجال الإعلام من أجل منع العالم من رؤية الفظائع التي ترتكبها.
إن الوضع الراهن خطير بقدر ما هو غير مسبوق، ومنذ تشرين الأول الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية 60 إعلامياً، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. وقد ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن هذا هو الشهر الأكثر دموية للهجمات على الصحفيين منذ أن بدأت في تسجيلها في عام 1992. بالإضافة إلى ذلك، يواجه العديد من المراسلين الفلسطينيين الآخرين خارج غزة الترهيب والمضايقة من قبل القوات الإسرائيلية. كما أن أي صحفي قد ينشر معلومات تنتقد “إسرائيل” هو هدف محتمل، وحتى عائلات الصحفيين ليست في مأمن من الهجوم الإسرائيلي.
ولا يقتصر الأمر على قيام القوات الإسرائيلية بقتل الصحفيين الفلسطينيين على الأرض، بل إن الحكومة الإسرائيلية تمنع بشدة وصول الصحافة الأجنبية إلى غزة. والمراسلون الوحيدون المسموح لهم بدخول القطاع هم أولئك الموجودون لدى القوات الإسرائيلية، وقد أكدت وسائل الإعلام مثل NBC وCNN أنه مقابل الوصول إلى القطاع، يجب عليهم تقديم جميع المواد إلى القوات الإسرائيلية قبل البث للمراجعة والموافقة.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن ما يصل إلى 50 وسيلة إعلامية في غزة قد دمرت جزئياً أو كلياً بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول الماضي.
وإذا لم تقصف “إسرائيل” وسائل الإعلام بشكل مباشر، فإنها تحاول جاهدة قمع تدفق وسائل الإعلام. وفي أواخر تشرين الأول، وافقت الحكومة الإسرائيلية على لوائح تسمح لها بإغلاق أي قناة إخبارية أجنبية إذا اعتقدت أن القناة تشكل تهديداً لها. وتم استخدام هذه اللائحة بعد ذلك لحظر برمجة وموقع قناة الميادين اللبنانية، بسبب”جهودها في زمن الحرب للإضرار بالمصالح الأمنية (الإسرائيلية) وخدمة أهداف العدو”، وفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي.
وفي ظل غياب الصحافة الأجنبية التي تشهد على الفظائع التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة، لجأ المدنيون الفلسطينيون إلى توثيق الفظائع بأنفسهم ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل X وTikTok ليراها العالم الخارجي.
وردت الحكومة الإسرائيلية بإغلاق أنظمة الإنترنت والاتصالات بشكل متكرر في جميع أنحاء غزة، مما زاد من تقييد تدفق المعلومات الصادرة.
تعتمد” إسرائيل” على أسلحتها العسكرية المتقدمة وتمويل بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة لتنفيذ أعمال العنف والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء غزة والقدس والضفة الغربية. وتعمل حملاتها “هاسبارا” و”علامة إسرائيل” على مدار الساعة لتبرير جرائم الحرب التي ترتكبها من خلال الأكاذيب الصريحة والمعلومات المضللة.
ومع ذلك، تكبدت” إسرائيل” خسائر كبيرة في حرب المعلومات حيث وصلت التقارير والصور عن الفظائع إلى الملايين في جميع أنحاء العالم، وانضم الكثير منهم إلى التعبئة الجماهيرية لدعم القضية الفلسطينية. وعلى الساحة الدولية، أصبحت” إسرائيل” معزولة سياسياُ بشكل متزايد، مع قيام المزيد والمزيد من الدول بقطع علاقاتها أو استدعاء موظفيها الدبلوماسيين.
إن معركة الأفكار هذه لا يمكن تحقيق النصر فيها من خلال القوة المطلقة والتفوق العسكري المدعوم من الولايات المتحدة. ولا تستطيع “إسرائيل” أن تمنع تسرب المعلومات حول فظائعها، وخاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي حيث يتشجع الفلسطينيون العاديون على العمل كمواطنين صحفيين، ويوثقون ما يعيشونه في غزة ليراه العالم. ومع تصعيد “إسرائيل” لحملة الاغتيالات ضد العاملين في مجال الإعلام، يستمر الدعم للمقاومة الفلسطينية في الازدياد.
على الرغم من أن الوضع الحالي قد يبدو قاتماً، إلا أنه يتحدث عن الواقع المطروح: إن شعوب العالم تستيقظ على الفظائع التي يرتكبها الكيان الصهيوني وترفض السماح لها بالاستمرار، وهذا يحكي حقيقة أخرى: “إسرائيل تعيش في وقت ضائع، وهذا الوقت ينفد”.
المصدر- أوراسيا ريفيو
