فؤاد دبور – كاتب أردني:
التطبيع إعادة ما هو غير طبيعي الى وضع طبيعي وقد حاول، ولايزال، يحاول العدو الصهيوني الى جعل العلاقات العربية مع كيانه الغاصب طبيعية، حتى يستطيع من خلال ذلك تنفيذ خططه وتحقيق أهدافه في تثبيت الحق المزعوم في احتلال الأرض العربية الفلسطينية وما يحتله من ارض عربية أخرى في الجولان وجنوب لبنان وأهدافه الأخرى العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية لضمان هذا التثبيت إضافة الى استقرار كيانه الغاصب ومساعدته على التوسع في المنطقة العربية المستهدفة من النيل الى الفرات والاسهام في الشراكة في ثروات الأمة وبخاصة النفطية والغازية منها.
ولذلك من الضرورة العمل على مجابهة ومقاومة التطبيع مع هذا العدو الغاصب وعلى الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية والسياحية، ويأتي في مقدمة مجابهة العدو ومقاومة التطبيع معه منع الاعتراف بشرعية وجوده غير المشروع في أرض فلسطين العربية والجولان العربية السورية وجنوب لبنان، ذلك لأنه كيان غير مشروع غاصب، محتل قام على الإرهاب والقتل والتشريد للشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض وكذلك للمواطنين عرب سوريين ولبنانيين.
وعليه فإن الواجب الوطني والقومي يحتم على الشعب العربي في كل قطر من أقطار الأمة مواجهة هذا العدو بكل أشكال المقاومة وصولا لتحرير الأرض وإنهاء وجوده غير الشرعي في الأرض العربية فلسطينيا وسوريا ولبنانيا.
كما من واجب كل عربي مخلص وشريف محاربة ومواجهة ومقاومة المنطلقات والسياسات الاستسلامية والتطبيعية مع العدو الصهيوني في أي قطر عربي من أقطار الوطن وكذلك التصدي للأقلام والإعلام والسياسات الإجرامية الداعية للتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب لما مثل أشكال التطبيع هذه من مخاطر وأخطار على الأمة العربية.
بمعنى أن الدعوات إلى مقاطعة العدو الصهيوني أمنيا، تجاريا، وزراعيا وسياحيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وحتى عسكريا واجب وطني وقومي، يعتبرها أصحاب المصالح الذاتية الضيقة فعلا تصادميا مع هذه المصالح، مما يدفعهم إلى تشويه منظمات المقاطعة وتوظيف وسائل إعلامية معنية لشن حملات ضدها وضد القائمين عليها، وكذلك محاصرة وسائل الإعلام الوطنية التي تدعم مقاطعة العدو الصهيوني.
لكن ورغم كل الحملات وكثافتها واتساعها ودعمها ماديا وإعلاميا فإن منظمات مجابهة التطبيع تحقق إنجازات مهما كانت متواضعة حيث تقوم بتعرية الجهات المطبعة وهي ترى أن هذا العدو إضافة إلى اغتصابه الأرض والحقوق يشن العدوان تلو الآخر على الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسورية وغيرها من أقطار الوطن العربي، مثلما يمارس القتل والإجرام بكل أنواعه البشعة ضد أبناء الشعب العربي في هذه الأقطار العربية، مثلما يقوم بالتدمير والخراب واستنزاف طاقات الأمة البشرية والمادية والعسكرية ويقوم بدعم الإرهاب الذي يستهدف المقاومة في سورية ولبنان والعراق ومصر، مثلما يستهدف الأردن، ويزداد حقد العدو الصهيوني على الشعب العربي في الأقطار العربية حيث توجد منظمات مجابهة التطبيع أو بدونها لأنها تعمل جاهدة من أجل توعية المواطن العربي وتفعيل دوره في المقاطعة خاصة وأن المقاطعة هي عمل سلمي وسهل ولا يحتاج إلى استخدام العنف أو المواجهة مع الذين يطبعون مع العدو الصهيوني، بل بذل الجهد من أجل تراجعهم عن هذا التطبيع والذين لا يتراجعون يتم كشفهم للمواطنين من أجل مقاطعتهم لإشعارهم بالخطأ الذي يرتكبونه في التعاطي مع العدو الصهيوني الذي يهدد الأمة في أمنها واستقلالها ومستقبل أجيالها ووحدتها وسيادتها والتحكم بثرواتها.
مثلما تخدم مواجهة التطبيع ومقاطعة العدو الاقتصاد الوطني وحماية المقدرات والإنتاج الوطني من المنتوجات الصهيونية، ولنا أن نؤكد على أن مقاطعة العدو التي تأخذ مداها وفاعليتها هي مقاطعة تلحق بالعدو أضرارا وخسائر كبيرة اقتصاديا وماديا وسياسيا، مثلما تعود كما أسلفنا بالنفع على المواطن وإنتاجه ومصانعه والعمالة العاملة في مؤسسات ومعامل ومصانع الوطن. وحتى تحقق المقاطعة أكبر قدر ممكن يتوجب التنسيق بين قطاعات الشعب بأحزابه وعماله والنقابات المهنية وكل المنظمات والمؤسسات الوطنية المؤمنة حقا بحماية الوطن من أطماع العدو في الأرض والمقدرات والتوسع على حساب الأمة.
وبالتالي فإننا نؤكد على أن مجابهة التطبيع مع العدو ومقاطعته تمثل حركة مناهضة لمخططات ومشاريع الحركة الصهيونية التي وضعها مؤسس الحركة في مؤتمر “بازل السويسرية في 29 آب” عام 1897م والتي تهدف إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل مثلما تشكل خطوة على طريق إضعاف العدو وتحرير الأرض المغتصبة في فلسطين والجولان العربي السوري والجنوب اللبناني وبالتالي وضع حد لمشروع الحركة الصهيونية وإنهاء وجودها طال الزمان أم قصر.
ومن المؤلم ان يتم فتح أبواب أقطار عربية للعدو الصهيوني والتطبيع معه إعلاميا وثقافيا واقتصاديا وحتى أمنيا وعسكريا، وتتم هذه العملية على حساب الدم الفلسطيني المسفوح بأيدي الصهاينة وأداتهم الإجرامية، في ظل استهداف القدس العربية والضفة الغربية والحصار والتجويع المفروض على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة المقاوم، الذي يدفع الدم في المواجهة مع عدو دموي قاتل ومدمر وطامع في السيطرة على الأمة.. وما شاهدناه سابقا ونشاهده اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان والجولان العربي السوري من قتل وتدمير وحصار وإجرام يدل على دموية هذا العدو، كما نشاهد إجرام العدو في جنوب لبنان، كما يتم أيضا في ظل قيام العدو الصهيوني في محاولات فاشلة ضد أبناء الشعب العربي السوري في الجولان المحتل الذين يرفضون بعناد ويقاومون برجولة. هذه المحاولات التي تهدف الى إخراجهم من أصولهم السورية وإقدام العدو على القمع واغتيال المناضلين.
إن العدو الصهيوني عدو للأمة العربية بأكملها وليس الشعب العربي الفلسطيني الذي هو شعب عربي ويشكل جزءا أساسيا من هذه الأمة يدافع عنها بالدم في مواجهة هذا العدو.
* أمين عام حزب البعث العربي الديمقراطي في الأردن – تحت التأسيس