ظافر أحمد أحمد
تستغل المنظومة السياسية والإعلامية الغربية أحداث غزّة لتحويلها إلى مادة يتم إدراجها في الخطاب الغربي تحت بند معاداة السامية، وتحاول هذه المنظومة تجييش الشعوب الأوروبية لخدمة الخطاب الإسرائيلي من خلال ضخ رسائل إعلامية يومية وتظاهرات يشارك فيها المئات أو الآلاف في فرنسا وبريطانيا ودول أخرى وينخرط فيها أحيانا مسؤولون كانوا يشغلون مناصب سياسية رفيعة المستوى تتبنى شعارات ولافتات وهتافات ملخصها (صفر تسامح مع أعداء السامية)، وهي رد على تظاهرات شعبية شهدتها وتشهدها دول أوروبية وغير أوروبية تندد بالوحشية الإسرائيلية وتضع النضال الفلسطيني ضمن سياقه الطبيعي بأنّه نضال الضحية ضد المحتل الإسرائيلي.
الخطاب الذي يزوّر الصراع العربي الإسرائيلي يفعل فعله لدى رأي عام عالمي هندسته دعاية ممنهجة بشكل يتناسب مع النظرية التلمودية التي أنشأت الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المقولة الصهيونية السياسية الخاصة بشعب الله المختار والوعد الإلهي المزعوم لليهود بأرض الميعاد، فيتم التسليم لدى قسم من الرأي العام غير المتفقه بالتاريخ بكل ما سوقته الصهيونية العالمية ويسوّقه الاحتلال الإسرائيلي حول احتكار الانتماء إلى العرق السامي، وعملية تحويل أي يهودي حتى لو كان من شعوب الخزر ومن شتى الأعراق البشرية ومن شتى الجنسيات إلى ساميّ صرف يهدده الآخر وله حق الدفاع عن نفسه!.
حجبت الدعاية الصهيونية والغربية حتى خصومها العرب وخصومها الفلسطينيين تحديداً من الانتماء إلى السامية..، كي يصبح العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي مجرد فعل كراهية، ولا علاقة له بعمل تحرري ولا بحق تقرير المصير لشعب فلسطيني فقد أرضه التاريخية..، ويتماشى الخطاب الإسرائيلي والغربي عموما مع المنظور الاستعماري العريق الذي تستعمله أوروبا ودول المنظومة الغربية في نظرتها إلى مستعمراتها العربية القديمة والجديدة، وجهود تصفية القضية الفلسطينية من خلال إلغاء حقيقة الصراع على أرض فلسطين التاريخية ونقله من تصنيفات أنّه ناجم عن صراع ضحية واحتلال، إلى فعل كراهية يمارسه الطرف الفلسطيني حصرا بينما الطرف الإسرائيلي هو ضحية الكراهية!
إنّه خطاب يريد من الضحية الفلسطينية التوقيع على صك تخليها عن حقوقها بالأرض والانتماء، وأن تحب عدوّها وتستكين لمن يحتلها ويجرّب فيها القنابل الفوسفورية وغيرها من الأسلحة الفتاكة وإلاّ فهي مدانة بالكراهية ومعاداة السامية.
شعب فلسطيني وجد نفسه تحت سيطرة الاحتلال ماذا يفعل؟ يقاوم..هذا هو ملخص ما حدث ويحدث منذ نكبة العام 1948 وصولا إلى نكبة شمال غزة التي تجري حاليا بينما أدوات المنظومة الغربية العاملة على الأرض العربية مستنفرة في فرجتها على تطهير شمال غزة ومنشغلة بتبادل التهاني والشكر على أدائها كي لا يقال عنها (أعداء السامية)!.