ريم صالح:
أن تكون صحفياً في قطاع غزة المنكوب يعني أن تغدو هدفاً حتمياً لصواريخ الاحتلال الإسرائيلي وقنابله الفوسفورية.. فلا مكان آمن في القطاع المدمى يحميك من تغول الاحتلال وبطشه.. والهدف إسكات صوت الحقيقة وطمس معالم جرائم الحرب ومجازر الإبادة التي ترتكبها آلة الاحتلال الإسرائيلي بحق أهالي القطاع لذلك ستكون في بنك أهداف العدوان بل وفي سلم أولوياته.
“نحن ضحايا على الهواء مباشرة.. هذه الدروع والقبعات التي نرتديها هي شعارات لا تحمينا على الإطلاق”.. لعل هذه الكلمات التي رددها مراسل تلفزيون فلسطين وهو يخلع الدرع والخوذة اللتين تحملان كلمة صحافة ويلقي بهما على الأرض وقد نفى كلياً إمكانية أن توفر له أو لزملائه أي حماية من أي نوع كفيلة بتلخيص المشهد في القطاع المكلوم..
الصحافية بلستيا العقاد عبرت هي أيضاً عن ذات المعنى عندما نشرت مؤخراً على حسابها على الانستغرام صورة لدرع وخوذة الصحافة وعلقت عليها بالقول: اعتدت دائماً ارتداء درع وخوذة الصحافة لكن مؤخراً توقفت عن ذلك لأني لا أشعر بالأمان عندما أرتديهما وأتمنى أن ينتهي الكابوس قريباً وألا نفقد المزيد من الصحفيين.
ولا نبالغ إذا قلنا بأن تكون صحفياً في غزة يعني أن تتحول حياتك إلى قصة أخرى دامية.. قد تصبح في أي لحظة وأنت توثق جرائم العدوان الإسرائيلي تصبح أنت الحدث، فأنت مستهدف بشكل متعمد وبطريقة ممنهجة وربما تذهب لتغطية مجزرة لتفاجئ بعائلتك برمتها ضحية لهذه المجزرة. ما نقوله ليس مجرد كلام وإنما محرر الشؤون الفلسطينية في القناة ١٣ الإسرائيلية تسفي يحزقيلي أكد ذلك بقوله إن قوات الاحتلال تعرف ما تقصفه بالضبط.
والجدير ذكره هنا أن الاستهداف الإسرائيلي لم يقتصر على الصحفيين فحسب ولا على عائلاتهم وإنما طال أيضاً أكثر من ٥٠ مقراً إعلامياً أجنبياً ومحلياً داخل القطاع المنكوب خلال الفترة الماضية من بينها مكاتب عدد من المؤسسات الإعلامية في برج الغفري في غزة الذي يضم وكالة الأنباء الفرنسية وقناة الشرق والمجموعة الإعلامية الفلسطينية، كما دمر الاحتلال مكاتب صحيفة الأيام وإذاعة غزة ووكالة شهاب للأنباء ووكالة معاً الفلسطينية ومكتب قناة برس تي في وقناة العالم.
هذا وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة المكلوم فقد استشهد قرابة ٩6 صحفياً منذ بداية العدوان على القطاع إلى يومنا هذا، حيث أن صحفياً واحداً يرتقي كل يوم منذ بداية العدوان.
وبحسب إحصاء مؤسسات معنية فقد ٦٩ صحفياً حياتهم خلال ٦ سنوات خلال الحرب العالمية الثانية ليسجل الاحتلال الإسرائيلي بذلك الرقم القياسي في قتل الصحفيين لم تسجله الحرب العالمية الثانية، مع العلم أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحاسب على الصحفيين الذين قتلهم على مدى السنوات العشرين الماضية حسب منظمة حرية الصحافة رغم اعتبار الاستهداف المتعمد للصحفيين والمدنيين جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.