الثورة- رفاه الدروبي:
غادرنا فنانون تشيكيليون تاركين وراءهم لوحات تعبِّر عن الهوية الفلسطينية بمدنها وقراها وبلداتها وبزيِّها الفلسطيني العامر بالتراث، كما صوَّروا الأمل والفرح رغم عذاباتهم مع الاحتلال وما خلَّفه من دمار.
فالتشكيلي سامي قريقع نال الشهادة أثناء تأدية دوره الإنساني في تهدئة الأطفال بالمستشفى الأهلي المعمداني عندما حاول أن يرسم ويغنِّي لهم بعد استشهاد ذويهم لعلَّه يعيد الضحكة إلى شفاههم.
أغلبهم استشهدوا أثناء تأدية دورهم داخل المجتمع المحلي ولم تبقَ إلَّا لوحاتهم شاهداً على ما قدَّموه من أعمال يُشار إليها بالبنان سواء أكانت فنية أم تصويرية أم نحتية وغرافيكية، كلها تُعبِّر عن مدى حبِّهم للوطن ومناشداتهم للحرية والسلام، مثل الفنانات هبة زقوط، حليمة عبد الكريم الكحلوت، إناس السقا، إيمان خالد أبو سعيد، والفنان طارق أحمد ضبّان، والتشكيلي مهند أمين الآغا.
كان لكلَّ منهم أسلوبه واتجاهه المختلف عن الآخر ووقفاته البطولية، جسَّدتها أعمالهم ولوحاتهم قبيل عملية “طوفان الأقصى”، وأغلبهم تخرَّجوا من الجامعة، وشاركوا في معارض كثيرة رسموا فيها شقائق النعمان والأرض والانتصار، مستخدمين الألوان الترابية لشدة تعلُّقهم وتماهيهم مع الأرض الفلسطينية، إضافة إلى ثوابت التشكيل الفلسطيني كالبيوت المتلاصقة المجاورة لبعضها البعض استعداداً للمقاومة وقبة الصخرة وبيارات الزيتون والليمون والمسجد الأقصى وحمامة السلام الدَّالة على العودة.
أثبت تشكيليو غزة أصحاب الأرض أنهم مبدعو الوطن وفنانوه المقاومون من خلال أعمال ترجمت مشاعرهم الصادقة وإيمانهم بالعودة والتفاؤل بالنصر، بعد أن طردوا من نفوسهم كلَّ معاني اليأس، ولوَّنوا العالم بلوحات تعكس تراث بلادهم الأصيل وإرثها الحضاري، كما رفضوا ظلم الاحتلال في أعمالهم، محتجين على العدوان، مطالبين بالسلام، إنَّهم أيقونات الحرية تزهر كلَّ يوم، ومع أنَّ العابر الغريب اغتال أجسادهم لكنَّه لم يستطع اغتيال ريشتهم وألوانهم وخطوطهم الخالدة .