الثورة – رانيا حكمت صقر:
تعانق الكلمات والقصائد أحلام جيل جديد من الأدباء الشبان، الذين وجدوا في المنتديات والفعاليات الأدبية مساحات حيّة تعزز مواهبهم وترسم لهم طريق الإبداع.
“منتدى بوح الأنامل” الذي يأخذ على عاتقه رعاية هذه النخبة، أثبت أن للكلمة قوة تحول الروح وتلهم الأمل، خاصة في ظل ظروف تتطلب من الشباب أن يكونوا صوت التغيير والرسالة الهادفة للمجتمع السوري.
تحت رعاية وزارة الثقافة- مديرية ثقافة دمشق، نظّم منتدى “بوح الأنامل” فعالية أدبية حملت عنوان “نسائم الإبداع” في المركز الثقافي في المزة، بإشراف الشاعر والمؤسس للمنتدى محمود الوزير.
شارك في هذه الفعالية اثنا عشرة موهبة أدبية شابة من أعمار مختلفة، تمتّعت باختيار دقيق بناءً على قدرات التلقي الصحيح، والارتقاء بالمسرح، والمعايير الفنية واللغوية الرفيعة لنصوصهم الأدبية، سواء في مجال القصة أو الشعر.
يؤكد قائد المنتدى الشاعر محمود الوزير لصحيفة الثورة أن المنتدى ليس مجرد فضاء فني بقدر ما هو ضرورة ثقافية للمجتمع السوري، الذي يحتاج إلى الكلمة كسلاح معنوي وروحي في وجه الأزمات والتحديات، الكلمة سلاح، وقال: نحن في منتدى بوح الأنامل نعمل على دعم المواهب الشابة من خلال إقامة دورات مستمرة تهدف لتحويل أي موهبة مبتدئة إلى كاتب متمرس وصاحب رسالة.
ويعبّر الوزير في قصيدته التي ألقاها ضمن الفعالية تحت عنوان “غزة قصيدة الشموخ” عن مشاعر التضامن الإنساني عبر الكلمات التي تجسد معاناة الشعب الفلسطيني معبراً عن الأمل بالنصر والحرية، مستلهماً بذلك من تجربة السوريين في الظلم والحرب والانتصار على الطغيان ضد النظام البائد..
“غزة قصيدة الشموخ”:
سنصلي على ترابك يا بلدي
وذرات ثراك على قولي شهودا
و وجودكم بلاء سيزول كبلاء أيوب
ما أنتم إلا بقايا مجرم
لا تاريخ له ولا وجود!
ونحن الحق والحق باق
لا فناء له ولا يموت!
وفي ذات السياق، شاركت الكاتبة فاطمة محمد نجيب إسماعيل بنصوص تأثرت بذكريات شخصية وطنية وإنسانية، إذ مزجت الحزن بالرفض في نصها “صوت الذاكرة” الذي تحدثت فيه عن والدها الراحل، ونص “ذرات ثكلى” مهداة لأطفال غزة الذين قدموا أرواحهم ثمناً للصراع، مجسدةً صوت الضمير وصدى الألم عبر كلمات مؤثرة تعبّر عن الألم والحسرة على ضحايا الظلم والاحتلال.
ماذا بعد أيُّها الصهيوني الغاشم؟
هل أزهرت شوارعك حين سقتها دموع آلاء؟
تباً لك:
دمرت قلبَّ الأم الحالم
شوهت وجه الأب الباسم
حرقت شريان الطفل الهائم
ماذا نقول والحروف خجلى؟
ماذا نقول وروحنا عن روحك ثكلى؟
ما ذنب يحيى كي لا يحيا؟
أما الكاتبة ملك عبد الخالق، التي تطوعت في المنتدى، فتحدثت عن دور المنتدى في صقل موهبتها وتنمية قدراتها الأدبية، مؤكدة أن هذه الفعاليات تخلق جيلاً من الشباب المبدع والصاعد الذي يحمل هم وطنه وأحلامه في قلبه، وقدمت خلال الفعالية نصها “أنت صدفتي” الذي عبّر بكلمات رقيقة وعاطفية عن تجربة حب إنسانية صادقة، تجسد تموّجات المشاعر والإلتباس بين الواقع والخيال، بين نهارٍ وليلٍ في زمنٍ مرسوم.
“انت صدفتي”
ورسالة لم تكن بالبالِ مكتوب
من إعجابٍ لمحبوب
سكنتَ في قلبي المعطوب
آهٍ على ذاك الزَّمان المعتوه
جعلني مجنونة في مكان مسكون
بحبِّ غزالٍ بالقلبِ مسجون
ماذا فعلت بي بليلٍ هائمٍ؟
سكنت بي كالجنِّ العاشقِ
وأصبحتُ مسحورةٍ في ظلامٍ هادئٍ
فأينَ أنتَ ياصُدفتَي؟
حملتَ اسمي من دونِ إِذني
وسرقتَ حروفه كقطارٍ عابرِ
فكنتَ الشَّافي لكلِّ جرحٍ كالبلسمِ
أموتُ على لُقياك بأًسرعِ وقتٍ ممكنِ
لتضمدّ جُرحيَ المَفتوق منذ زمنِ
ارجع إليّ بعتابٍ يُغلغلُ مَهجعي
تُبرز هذه الفعالية مدى أهمية إقامة مثل هذه المنتديات الأدبية التي تشكل منبراً حقيقياً للشباب لعرض مواهبهم، وتلقى الدعم والتوجيه، بغض النظر عن الظروف المحيطة.
وهي أرض خصبة لزرع بذور الإبداع، حيث يكون الكتابة أكثر من مجرد هواية، بل رسالة تنبض بالحياة، ورسالة تتخطى حدود الكلمات لتصل إلى الأعماق، محفزة التغيير والتوعية.
في هذا الإطار، تعد منتديات مثل “بوح الأنامل” من أهم المفاصل الثقافية التي تضمن استمرار النبض الأدبي في سوريا، وتوفر منصة تواصل حقيقية بين الأدباء الناشئين والمجتمع، فضلاً عن إشراكهم في حملات تطوعية وأمسيات ثقافية.