الثورة – دمشق – رفاه الدروبي:
نظَّمت وزارة الثقافة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ندوة عنوانها “اللغة العربية والهوية الوطنية” بحضور وزير الثقافة الدكتورة لبانة مشوح، رافقها معرضٌ فنيٌّ للخط العربي والكتاب والمخطوطات في صالة المعارض بمكتبة الأسد الوطنيَّة.
وأشارت الدكتورة مشوح “للإعلاميين إلى أنَّ الوزارة والجهات التابعة لها تحتفل باليوم العالمي للغة العربية باعتبارها ليست للتواصل فقط كأداة بديعة وتعبير متميِّز بخصائصها وروعة مُكوِّناتها؛ وإنَّما وعاء لفكر حضاري عمره آلاف السنين وتراكم حضارات وثقافات، لافتةً إلى ضرورة تنشيط استعمالها والتحفيز على حبِّها والاطلاع على علومها وإن لم تكن هيئة جامعية أو تعليمية عليا، لكن أحد أهداف الوزارة النهوض والتمكين بها والترويج لها.
لغة سليمة
وأكَّدت على أنَّ دأب وزارة الثقافة على إبراز جمالها وخصائصها والنشر بلغة عربيَّة سليمة لفكر سليم يبني الهويّة الوطنية، ويُمتِّن الانتماء إلى الوطن، مُنوِّهةً إلى تنظيم مسابقات للأطفال باللغة العربية، ولاسيما في الهيئة العامة للكتاب والمسارح والموسيقا، ومسابقات الإبداع الشعري والأدبي.
كما بيَّنت أنَّ الوزارة منحت عشرات الجوائز للكتّاب المبدعين في اللغة العربية بمختلف صنوف الأدب ولكتّاب الأطفال، مُشيرةً إلى أنَّ تمكينهم من لغتهم العربيَّة السليمة يُعتبر الطريق الأول للحفاظ عليها، إضافةً إلى أنَّ تنظيم مشاريع مشتركة مع وزارتي التربية والتعليم العالي العام والخاص لا تُعدُّ ولا تحصى، حيث تهدي الوزارة لعدد غير قليل من مدارس التربية الكتب الصادرة عنها مجاناً، مُوضِّحةً أنَّ الوزارة نظَّمت معارض مهمة بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، ضمَّت كتباً دائمة في الجامعات العامة والخاصة، وأصبح لها مراكز بيع دائمة فيها وبأسعار منطقية وفي متناول الطلبة والمبيعات، حيث تلاقي إقبالاً كبيراً عليها.
وأردفت أنَّ ما تنشره الهيئة العامة للكتاب متميزاً، ليس من حيث الكم لأنَّه لا يعتبر معياراً، المهم الدقة والنوع في انتقاء عناوين مرجعية المحتوى والتدقيق اللغوي.
وأبدت الدكتورة مشوح حرص الوزارة على وضع الكتاب بين أيدي جميع الفئات من أطفال وشباب وشيب وكل قارئ عربي، كتاباً قيِّماً ثقافياً عميقاً في محتواه ولغوياً رفيعاً في مستواه.
تعزيز مكانة اللغة
وأوضح مدير الهيئة العامة للكتاب الدكتور نايف الياسين أن الهيئة تلقى دوراً مهماً في تعزيز مكانة اللغة العربية من خلال إصداراتها سواء أكانت المعنية باللغة العربية وآدابها أو الحرص على كلِّ ما تصدره، ويكون بلغة عربية سليمة وسلسلة مقبولة لدى جمهور القراء ومراقبة ومدققة لغوياً لأنَّ المتلقي متنوِّعٌ، فمنهم يميل إلى الرواية وآخرين إلى الدراسات الفكرية والاقتصادية، ولابدَّ من التركيز على اللغة المكتوبة المحتوية على الدراسات والترجمة بلغة عربية سليمة خاضعة للتدقيق اللغوي.
معرض متخصص
ثم بيَّن مدير مكتبة الأسد الوطنية فادي غانم أنَّه نَّظم في المكتبة معرض باليوم العالمي للغة، مشيراً إلى أنَّ المعرض متنوِّعٌ ضمَّ كتباً للهيئة العامة للكتاب بإصداراتها ولوحات خط عربي وأخرى فنية لمديرية الفنون الجميلة التابعة لوزارة الثقافة، كما شاركت المكتبة بمجموعة مخطوطات قيِّمة تتناول اللغة العربية وفقهها وأصبحت مراجع لجميع اللغويين العرب.
ولفتت مدير المخطوطات في مكتبة الأسد أمينة الحسن إلى أنَّ المعرض ضمَّ مخطوطات بعلم البديع والبيان والمعاني، إضافة إلى قواميس منها المحيط لفيروز آبادي، ومخطوطات لابن منظوز، ومختار الصحاح، ولوحة قيِّمة مكتوبة على جلد العجل بخط الثلث وباقي أنواع الخطوط.
مواكبة للتطور
بدوره مدير التأليف في وزارة الثقافة الدكتور غسان السيد أكَّد على ضرورة جعل اللغة قادرة على مواكبة التطور الحاصل في العالم لما يواجهها من مئات المصطلحات العلمية يومياً من اللغات المختلفة، موضِّحاً أنَّها غير قادرة بوضعها الحالي على مواكبة إيجاد مصطلحات مناسبة للغات الأجنبية.
لغة العلم
أمَّا رئيس قسم اللغة العربية في جامعة دمشق الدكتورة منى طعمة تحدَّثت عن “واقع اللغة وتحديات الهوية” تتجسَّد قولاً وفعلاً، في اللغة من خلال الأدب والشعر والنثر، منوِّهةً باختيار عضوين من سورية لليوم العالمي للغة العربية العام الحالي، وبأنَّها لغة العلم والثقافة والشعر والأدب والفنون والفلسفة كونها تُمثِّل جميع أنواع الفنون والآداب، ودخلت إلى مناطق كثيرة من خلال حوارية إثبات أنَّها صالحة لكل زمان ومكان لما تتمتع به من مرونة وسعة ألفاظها وقدرتها على استيعاب مستجدات الحضارة الجديدة، وتستحق أن تكون لغة عالمية والاحتفاء بها من قبل الأجيال ليس في يومٍ واحدٍ وإنَّما في كلِّ الأيام.
من جهتها الدكتورة منيرة فاعور تحدثت عن “واقع اللغة في سورية” في سلبياتها، وخاصة عدم وجود لغة رسمية موجّهة لسياسة لغوية، وضعف الأداء اللغوي في بعض رسائل الإعلام، مُتناولةً إيجابياتها، وأبرزها التعليم باللغة العربية في كلِّ فروعه.
أما الدكتور محمد موعد فكانت محاضرته بعنوان “على خُطا بناء اللغة العربية”، ورأى بأنَّه لا يمكن اكتمال الشخصية باللغة إلا بأمور كثيرة منها وعاء اللغة باعتبارها وعاء الفكر وكل ما يتصل بالمجتمع من عادات وتقاليد وثقافة وموروث، منوِّهاً بكيفية جعلها اللغة الأم لدى الأجيال الصاعدة وإتقان قواعدها الصحيحة من خلال اتخاذ خطوات لابدَّ منها تُلقى على عاتق الجميع.