الثورة – دمشق – رولا عيسى:
عند متابعة أسعار اللحوم ومشتقاتها في الأسواق يمكن معرفة حجم التراجع في عملية الإنتاج وفقاً لنظرية العرض والطلب، ويلحق بها على ذات الطريق أسعار الخضار والفواكه، وكلها من إنتاج محلي ولها أرضية مناسبة ضمن طبيعة ومناخ بلدنا وحجم الأراضي الصالحة للزراعة.
لابد من الإشارة إلى أن واقع الإنتاج الحيواني والنباتي في البلاد هو مؤشر واضح لحجم القدرة الشرائية ويمكن من خلاله تقييم ومعرفة مستوى القدرة الشرائية باعتباره الغذاء الأساسي واليومي لمختلف الأسر.
الخبير الزراعي أكرم عفيف في حديث لـ “الثورة” بيَّن أن القطاع الحيواني والنباتي في تراجع مستمر نتيجة ارتفاع التكاليف وسياسة التسعير ومن الأمثلة على ذلك تسعير محصول القمح للكيلو ٤٢٠٠ ليرة سورية، بينما تكاليف الفلاح أكثر من ذلك، وهذا بدوره يؤثر على الكميات المزروعة وانخفاضها إلى النصف مثلاً في منطقة الغاب.
ورأى عفيف أن تكاليف الإنتاج الزراعي تعتبر الأعلى على مستوى العالم فأسعار السماد مرتفعة جداً، ويصل الطن إلى أكثر من مليون ليرة على الرغم من تحديد سعره بـ٤٥٠ألف ليرة، ويتطابق الأمر على تأمين المحروقات، فالكميات الموزعة غير كافية وسعر لتر المازوت وصل في السوق السوداء إلى أكثر من ١٥ألف ليرة والبنزين أكثر من ١٧ألف ليرة، وأيضاً فيما يتعلق بالشق الحيواني فإن الظروف مطابقة لجهة تكاليف الإنتاج المرتفعة، وهنالك ٩٥٪ من المداجن أغلقت أبوابها نتيجة ارتفاع التكاليف ما أدى إلى الغلاء وتراجع القطاع بشكل واضح، ويمكن رصد تناقص واضح في الثروة الحيوانية، ومن خلال إحصاء عدد الأبقار لم يعد الرقم يشكل أكثر من ١٠٪ من العدد في الحالة الطبيعية، وكذلك بالنسبة للأغنام ويمكن معرفة حجم التراجع من إقبال المربين على شراء التبن خلال فترة حصاد القمح، وهو ما أثر على عوائد الفلاح بعد أن بقي التبن في أراضيهم، وحتى على صعيد التصدير لم يسمح بتصدير التبن.
ويتابع الخبير الزراعي: وهنا لابد من الإشارة إلى أن الكلام عن الدعم المقدم للمزارع والمربي لا ينطبق على الواقع.
– التصدير حالة صحية..
ورأى عفيف أن حالة التصدير هي صحية ولم يكن هنالك مشكلة مع الاقتصاديات التصديرية وهي اقتصاديات سليمة خاصة عند استخدمها بالشكل الصحيح ومثال على ذلك مقايضة السلع.
ولفت إلى أن تحويل الموارد إلى مجرد جباية ضرائب ورسوم سوف يؤثر على الإنتاج، واليوم نجد تحولاً كبيراً في أنواع الزراعات ومنها التحول من زراعة القمح إلى زراعة البقوليات من الفول والحمص، وكذلك الأعشاب كالكمون، ناهيك عن وجود حيرة بين المزارعين حول ماذا يختارون للزراعة في أراضيهم.
ومن جهة أخرى وعلى الصعيد الحكومي، فإن كل الاجتماعات والقرارات الحكومية، وكل ما يصرح به يتحدث عن دعم القطاعين النباتي الحيواني، وثمة العديد من القرارات التي نالت إعجاب المنتجين، لكن في المقابل تم اتباعها بإصدار قرارات أخرى ومنها على سبيل المثال رفع أسعار حوامل الطاقة، مما يجعل من تنفيذ قرارات دعم الإنتاج غير مجدية لدى المزارع والمربي على أرض الواقع.
مع الإشارة إلى أن وزير الزراعة والإصلاح الزراعي محمد حسان قطنا صرَّح في أكثر من مناسبة حول تسعير محصول القمح تحديداً أن تسعير المحصول ليس نهائياً بل هو سعر مبدئي على أن يتم التسعير النهائي مع حلول الموسم وبما يتوافق ويراعي جهد الفلاح وارتفاع التكاليف وقيمتها الفعلية عليه مع بدء موسم القمح.