ظافر أحمد أحمد:
(المقاومة الفلسطينية تدافع عن العرب)، هي حقيقة مرتبطة بسلامة تحديد هوية الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ هوية الطرف الضحية والمعتدى عليه هي عربية، وبالتالي الصراع عربي- إسرائيلي، وعندما تمكن مسار السلام المزعوم مع الاحتلال من “تحييد” دول عربية عن ساحة الصراع فإنّ هوية الطرف العربي فيه بقيت بصفتها المرتبطة بالجمهور العربي وبالدلالات الشعبية والدينية والإنسانية للقضية الفلسطينية.
أسس مسار السلام المزعوم مع الاحتلال لثقافة اشتغلت وتشتغل عليها المنظومة السياسية الأميركية وملحقاتها، عصفت في الذهنية العربية المثقلة بحروب تجزئة وبمصطلحات تجزئة وبأفكار تجزئة كي تسلّم بانتمائها إلى جغرافيا تمّ تسييسها بمصطلح “الشرق الأوسط” وليس إلى الوطن العربي، وهي ثقافة يراد منها تسويغ وجود كيان إسرائيلي في قلب المنطقة العربية، لذلك شكلت عملية طوفان الأقصى النتيجة الأكثر هولاً في وقعها على الاحتلال والغرب لجهة أنّها أعادت للطرف العربي هويته في مسار الصراع العربي- الإسرائيلي، فها هو اليمني على سبيل المثال، ومن جغرافيته البعيدة عن فلسطين التاريخية، يدافع عنها، إضافة إلى أعمال مقاومة للاحتلال تقوم بها أطراف عربية من خارج فلسطين المحتلة.
إنّ هذه النتيجة شكلت ضربة أوجعت المنظومة الغربية التي ظنّت أنّ الحروب التي أشعلتها في أكثر من دولة وعبثت بالجغرافيا العربية بحجة محاربة الإرهاب وتعزيز الحريات تجعل من كيانها الإسرائيلي المصطنع مرتاحاً في مواصلة تنفيذ مشروعها الخاص باستنزاف المنطقة العربية واستمرار النفوذ الغربي عليها.
إنّ محاولات تصفية القضية الفلسطينية “انفلشت” بطوفان الأقصى، الذي أعاد الزخم للصراع العربي الإسرائيلي بأبعاده المرتبطة بالهوية والوجود والانتماء والمقدسات.
فالثقافة التي عصفت بالذهنية العربية لسنوات مديدة تكملها مقولة الاحتلال التي يستهتر بها بكل الأبعاد الإنسانية المرتبطة بالصراع العربي- الإسرائيلي، ومفادها: (من يعارض إبادة الفلسطينيين فليستقبلهم كلاجئين)!
في مؤتمر (استيطان غزّة) الذي أقامه الاحتلال مؤخراً عبّرت إحدى زعيمات المستوطنين عن تهجير الفلسطينيين من غزّة بالوصف التالي: (لن يبقى العرب في غزّة)!.
وهنا لا بدّ من جزئية يستوجب على العقل العربي التنبه إليها بأنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه إلاّ التعبير عن حقيقته العنصرية تجاه العرب، ولو أنّ المجال متاح للأوصاف والقناعات التي يرددها المستوطنون وقناعاتهم الصهيونية بحق العرب لأمكن للعقل العربي أنّ يصفع ذاته عندما ظنّ بأنّ (الهجوم على الاحتلال الإسرائيلي بالسلام له جدوى) فهو يجعل من المحتل أكثر عنجهية وعنصرية على كامل العرب ومن دون استثناء.