تطورات المنطقة والعالم انعكست على التجارة العالمية ونحن جزءٌ منها.. أجور الشحن ارتفعت 250%.. معاون وزير الاقتصاد لـ “الثورة”: كل طرق الشحن متاحة لكن هناك سلع لا تنقل إلا عن طريق البحر
الثورة – تحقيق ميساء العلي ورولا عيسى وبشرى فوزي:
هل سنتأثر بالتطورات الجارية في المنطقة والعالم لجهة ارتفاعات جديدة في أسعار السلع والمواد المستوردة بحراً؟ على الرغم من أن التصعيد الأمريكي في منطقتنا وخاصة في البحر الأحمر لم تتبين نتائجها على حركة التجارة بعد باستثناء ارتفاع أجور الشحن، لكن من المؤكد أن كل البضائع التي تأتي من شرق آسيا سوف تتأثر بشكل كبير بارتفاع أسعار أجور الشحن والتي ارتفعت أكثر من 250%، وهذا سينعكس على البضائع والمنتجات وفق نسب معينة حسب البضائع المستوردة بحسب كلام لصناعي سوري منذ أيام، لافتاً إلى أن المخازين الحالية لدى الصناعيين السوريين تكفي بالحد الأدنى من 2 إلى 3 أشهر، مقترحاً أن يكون الحل من خلال التحول إلى الطرق البرية لكن هذا بحسب كلامه يحتاج إلى قرار على مستوى الحكومات.
تجارنا يبدو أنهم سارعوا لرفع الأسعار مباشرة بحجج أصبحت معروفة لدى الجميع، حتى قبل أي حدث، فموضوع الأسعار هم من يتحكمون به بنسب أرباح تفوق المتعارف عليه في كل بلدان العالم .
المشكلة لدينا من الداخل فالأسعار قابلة للزيادة بين ساعة وأخرى والسبب بحسب تجارنا ارتفاع سعر الصرف وارتفاع التكاليف والطاقة والنقل فالغلاء لدينا مستورد والرواية الحكومية تتقاطع مع تحليلات الاقتصاديين والتجار والصناعيين ومفادها : “أن الغلاء الذي نعاني منه سببه بالدرجة الأولى التكلفة”
ارتفاع بمؤشرات الشحن..
معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية شادي جوهرة قال للثورة: إن كل طرق الشحن متاحة ( براً – بحراً – جواً ) ، لكن هناك سلع لا تنقل إلا عن طريق البحر .
وأضاف جوهرة : ” أن هناك ارتفاعاً بمؤشرات الشحن على حركة التجارة العالمية وانعكاسها سيكون على الكمية المنقولة على كل حاوية ”
ولفت إلى أن من يراقب هذا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من خلال صكوك التسعير التي تصدر عنها .
التسعير يشمل جميع الخطوات..
ولدى توجهنا لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كونها إحدى الجهات المسؤولة عن التسعير مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إسماعيل المصري أوضح لـ “الثورة” أن المديرية عند قيامها بتسعير أي مادة وفي مختلف الظروف تتبع آلية التسعير المركزي، كما أن أجور النقل والشحن تحمل على بيان التكلفة، وتخضع عملية التسعير لآلية محددة تقوم على عدة خطوات بناء على وثائق تطلب من مختلف الجهات المعنية وتناقش بحضور مستورد السلعة من الجهات المعنية بعملية التسعير، وتستند إلى إعداد بيان تكلفة للمادة من قبل صاحب الفعالية ( استيراد – إنتاج محلي )، وفق واقع التكلفة الفعلي ويحتفظ فيه لديه.
وأشار إلى وجوب إصدار فاتورة تجارية أصولية من قبل المستورد أو المنتج يحدد عليها صفة البيع إلى بائع الجملة ونصف الجملة والمفرق وفق نسب الأرباح المحددة بعد دراسة تكاليف المواد والسلع الغذائية وغير الغذائية المستوردة وإصدار الصك السعري.
ونوه إلى أنه عند توفر الوثائق يجري العمل على مناقشة بنود السلعة من قبل لجنة مشكلة من ممثل عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الصادرة عنها إجازة الاستيراد ،ومديرية الأسعار المقدم إليها طلب التسعير ومديرية الجمارك العامة الصادر عنها البيان الجمركي،وإيصال القبض واشعار تصفية وتقرير كشف المعانية وفاتورة بالخدمات مرفقة بايصال مطابق صادرة عن محطة الحاويات الدولية الخاصة بمحافظة الأمانة الجمركية ،ووزارة المالية والمصرف المركزي وممثلين عن الغرف (صناعة أو تجارة أو زراعة)حسب نوع السلعة .
ولفت المصري إلى أن الصك السعري القائم على بيان تكلفة حقيقي يتم إرساله إلى مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات للاستناد عليه عند متابعة الأسعار في الأسواق والفواتير والمقارنة بينها وبين الصك وعند وجود فارق تأتي مهمة عناصر حماية المستهلك بمخالفة المستورد أو بائع الجملة أو المفرق.
خبير اقتصادي: احتكار اقتصادي..
من جانبه رأى الخبير والمحلل الاقتصادي فاخر قربي أن هذه الأزمة الجديدة والمشروع الأميركي تجاه ممر البحر الأحمر يشكل احتكاراً اقتصادياً على مستوى دول الشرق الأوسط والعالم وهو إعلان صارخ بمواجهة كافة التحالفات الاقتصادية القائمة على احترام سيادة الشعوب و حقها في البحث عن عيشها الكريم.
وأضاف أنه يشكل طوقاً اقتصادياً يهدف لإعادة هيمنة القطب الواحد على هذه المنطقة، فيما يشكل حالة خناق اقتصادي يؤثر بشكل كبير على سورية و يعمق المعاناة من إجراءات قانون قيصر الجائر.
واعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي أنه نتيجةً لقراءة أبعاد هذا المشروع يجب تكثيف الجهود تجاه مواجهة هذا المشروع الأمريكي و تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة والحليفة بما يسهم في كسر الحصار على سورية من خلال ترجمة الاتفاقيات المبرمة
واعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي أنه نتيجةً لقراءة أبعاد هذا المشروع يجب تكثيف الجهود تجاه مواجهة هذا المشروع الأمريكي و تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة والحليفة بما يسهم في كسر الحصار على سورية من خلال ترجمة الاتفاقيات المبرمة مع هذه البلدان.
آلية اقتصادية وذهنية منفتحة..
وأضاف: من المفترض لمواجهة هذه الأزمة الجديدة العمل بآلية اقتصادية و ذهنية منفتحة حكومياً والابتعاد عن عقلية حوكمة القرارات الاقتصادية حصراً، وذلك لتعزيز القوة في مواجهة الحصار الاقتصادي الجائر، و مواجهة آفة تذبذب أسعار القطع الأجنبي و بورصته الوهمية، وضرورة البحث عن مقومات الاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته ومشاربه التنموية والاستفادة من جميع الخبرات الاقتصادية بما يخدم الحالة الاقتصادية والمعيشية، ويسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي أمام رياح ما تقوم به الدول المعادية للهيمنة على اقتصاد الشعوب.
عضو غرفة تجارة دمشق: الحلول ليست معقدة..
عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق قال في حديثه للثورة ” لا يمكن تحديد نسب الارتفاعات ، لكن من الطبيعي عندما يحدث أي خلل بمنظومة النقل سترتفع أجور الشحن ، وقد شهدنا مؤخراً بعد التصعيد الغربي في البحر الأحمر ارتفاعاً بأجور الشحن وصل إلى 300% فالحاوية التي كانت بـ 2000 دولار أصبحت 8000 دولار
وأضاف كلما كان الوزن أقل كانت التكلفة أعلى ، فعلى سبيل المثال حاوية الرز التي تسعر بـ 50 ألف دولار سيزيد سعر السلعة فيها 8% في حين الشاي كون الحجم أقل سيرتفع السعر ما بين 12 إلى 15% .
وقال: “ليس فقط البضائع التي تأتي من البحر الأحمر هي من يتأثر الأمر كذلك الحاويات الأخرى في كل مفاصل النقل ، مشيراً إلى أن شركات النقل ستعتبر ذلك فرصة لها لزيادة أرباحها .
وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن في اعتقادنا بأنه يمكننا التدخل بالأسعار والحقيقة أنه من خلال تدخلنا بمنظومة السعر نخضع إلى العرض والطلب وهي النظرية الوحيدة القابلة للتطبيق حسب رأيه وأضاف عندما نتدخل بهذه المنظومة فإننا نرفع الأسعار وأما السبب الثاني لارتفاع الأسعار فهو عدم معرفة الكلفة الحقيقية للمنتج وهنا يضطر صاحب هذه السلعة أو المنتج لوضع هوامش ربحية أعلى حيث يؤدي ارتفاع الكلفة إلى استنزاف رؤوس الأموال .
حلاق أشار إلى أن أغلب الفعاليات التي تعمل على الأرض لاحظوا أنّ المصاريف والنفقات لم تعد تخرج من كتلة الأرباح التي تعمل بها وإنما تخرج مما يسمى رؤوس الأموال أي الضرائب والكهرباء والمحروقات والنفقات المستوردة فقد ارتفعت ارتفاعاً كبيراً جداً ولم يعد بمقدور أي عمل أن يواكبها ويتأقلم معها وبالتالي أصبحت تمس المكان الأساسي للعمل ألا وهو رأس المال موضحاً أنّ أخطر مايمكن على الاقتصاد هو المساس برؤوس الأموال لأنّ المساس بها بشكل أو بآخر يؤدي إلى إضعافها وبالتالي ضعف دوران العملية الإنتاجية والصناعية والتجارية والزراعية وبالتالي تشوه بالكلفة الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار منوهاً إلى ضرورة الحد من هذه الظاهرة عن طريق معرفة الكلفة ويمكننا معرفة الكلفة حسب قوله عندما نعرف سعر الصرف والمالية والضرائب المدفوعة والرواتب وضرائبها والتأمينات الاجتماعية أي كل محددات المصاريف والنفقات والأعباء والكهرباء وغيرها .
التسعير أمر خاطئ..
وأضاف “أنّ انخفاض الكتلة النقدية الموجودة من أجل تحفيز الأسواق على الاستمرار في العمل يؤدي لارتفاع النفقات والمصاريف والأعباء وبالتالي ارتفاع الأسعار موضحاً أنّه سابقاً كانت أغلب الفعاليات مالكة لمحلاتها ومستودعاتها وسياراتها إضافة إلى أجور العمال وكل الأعباء كانت مقبولة ومتوفرة أمّا اليوم فإنّ الكثير من هذه الفعاليات أصبحت مُستثمرة أي ليست لأصحاب المُلك وبالتالي عبء كما ارتفعت الرواتب بشكل كبير جداً مؤكداً أن التسعير أمر خاطئ وسيبقى ارتفاع الأسعار مستمراً طالما بقي التسعير موجوداً موضحاً أنّ هناك الكثير من الفعاليات التي أوقفت عملها الاقتصادي لأنّ التسعير يضع هوامش ربحية غير مقبولة بالنسبة لهم وأشار إلى ضرورة إنعاش النشاط الاقتصادي ”
كما تحدث حلاق عن أنّ لجان الأسعار تقوم بالتسعير للمواد ولكنها عملياً وعلى الأرض غير موجودة لأنّ المحددات الموجودة للأسعار غير قابلة للتطبيق مشيراً إلى عدم وجود ما يسمى تسعير وإنما هناك وفرة وتنافسية فإذا توفرت السلعة وهناك منافسة من عدة أشخاص لبيع هذه السلعة تنخفض السلعة وأضاف أنّه إذا وجدت التنافسية ولم توجد الوفرة مثلاً بسبب عدم وجود مستوردين أوعدة منتجين لنفس السلعة فالسلعة موجودة ولكن بشكل أقل مما يجب هذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مؤكداً أنّ الوفرة بالسلع والتنافسية ضرورية لخفض الأسعار.
سوق احتكاري..
لم يغفل مايسمى سوقاً احتكارياً موضحاً أنّه ليس لدينا احتكار ولكن من الممكن وجود سوق احتكاري بشكل أو بآخر وذلك نظراً لخروج الكثير من النشاط الاقتصادي وإحجام البعض عن هذا النشاط وهذا بدوره أدى إلى وجود اثنين أو ثلاثة فقط يعملون بسلعة معينة ماأدى إلى حدوث سوق احتكاري ولكنه غير مقصود متمنياً تشجيع النشاط الاقتصادي لأنّه كلما زاد عدد الفاعلين واللاعبين بالنشاط الاقتصادي انخفضت الأسعار حسب قوله.
وفيما يخص الحلول أكد حلاق أنّها ليست معقدة ولكنها صعبة فزيادة الكتلة النقدية تحتاج إلى زيادة الرواتب مشيراً أنّ هذا المطلب حق فهناك حد أدنى للرواتب ليتمكن الإنسان من العيش أو يمكن تخفيض النفقات والأعباء والمصاريف من خلال خفض سعر الصرف وتقوية الليرة السورية وهذا حتماً سيؤدي إلى انخفاص الأسعار.
أستاذ جامعي: زيادة الإنتاج والإنتاجية
المحلل الاقتصادي عابد فضلية قال إن ما يحدث في البحر الأحمر والعالم وغزة تحديداً انعكس على صيرورة التجارة العالمية ونحن جزء من العالم وسنتأثر بتلك الارتفاعات التي وصلت إلى أكثر من 4 أضعاف عما كانت عليه.
وبالعودة إلى مشكلة الأسعار والتسعير في سورية أكد مشكلة التسعير ليست وليدة الحرب أو الظروف الاستثنائية الحالية بل هي موجودة منذ عقود ماقبل الحرب ولكن ليس بهذا المستوى من التعقيد فالتسعير حسب قوله يعني التدخل في السوق وفرض أسعار تراها الجهات الحكومية ذات الصلة بأنّها مناسبة وعادلة ومنطقية ولكن قد لايكون الأمر كذلك بخصوص الكثير من السلع وخاصة منها السلع التي تتذبذب أسعار مدخلات إنتاجها كثيراً وبسرعة.
لجان لاتعترف بأية نفقات..
وأشار فضلية إلى أنّ المشكلة الأهم في التسعير تتمثل في أنّ لجان التسعير الرسمية لاتعترف بأية نفقات أو تكاليف أو مصاريف غير موثقة بثبوتيات في الوقت الذي توجد فيه الكثير من التكاليف والمدفوعات التي لا يمكن توثيقها فيقع كلا الفريقين (المسعر) و(المسعر له)في إشكالية عدم الاتفاق فيسري رأي (المسعر) فيما ينزلق المسعر له إلى خندق المخالفات كما تتصاعد التناقضات وكمثال على ذلك قال فضلية لنفترض أنّه تم تسعير إحدى السلع بدقة عالية ثمّ وبعد يومين ارتفعت تكاليف إنتاجها لسبب ما حينها سيقوم صاحب السلعة أو منتجها برفع سعرها قبل أن يتم رفعها بشكل رسمي وذلك يتعلق بسعر القطع الأجنبي في السوق السوداء وأضاف باعتبار أنّ إعادة النظر بالأسعار تستغرق عشرة أيام على الأقل فيحصل الشرخ بين المسعر والمسعر له ولا يرتق هذا الشرخ إلا بتنظيم ضبط مخالفة أسعار أو عقوبات من نوع آخر.
فوضى الأسعار لاتقع على طرف وحده..
كما أشار فضلية إلى أنّ مسؤولية فوضى الأسعار لاتقع على أي طرف وحده وربما لاتكون هذه الفوضى من مسؤولية أحد وإنما بسبب الظروف السوقية المتناقضة على أرض الواقع أو بسبب عوامل خارجية وأسباب أخرى بعيدة عن الأرقام والحسابات ولكن من المؤكد في مثل هذه الحالات أنّ المستهلك هو الضحية والاقتصاد هو المتضرر الأكبر.
لا حلول قطعية..
وفيما يخص الحلول للحد من ارتفاع الأسعار قال فضلية لاتوجد حلول قطعية يمكنها أن تجعل الأمور طبيعية لأنّ مصنع المتناقضات هو الظروف الطبيعية وأنّ التفاقم في هذه المتناقضات يكون سببه أحد الفرقاء أو كلاهما أو كل من له صلة بمن فيهم الجانب الرسمي الذي هو المسعر لذلك يجب السعي بشكل دائم للتخفيف والتقليص من حدة وحجم مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار ولجمها وإزالتها يوماً ما.
وأضاف بأنّه من أهم الملاحظات في هذا الإطار وللتخفيف من حدة مشكلة ارتفاع الأسعار يجب عدم النظر إلى الأسعار ومحاولة تخفيضها قسراً بل ربما يكون الحل في موضع آخر كأن نسعى لزيادة الانتاج والانتاجية أو نحقق وفورات الحجم إضافة إلى وجود مصادر إضافية للدخل.