الثورة _ ديب علي حسن:
واحد من أشهر المبدعين العرب الذين امتلكوا الرؤيا والقدرة على الاستشراف وقراءة المتغيرات والتنبيه إلى الأخطار المحدقة بالأمة العربية.
قصة حياته الثرة تشد القارىء لمتابعتها ومعرفة تفاصيل الرحلة بين الأقطار التي عاش فيها.
هو من مواليد عام ١٩١٠، في جزيرة سوروبايا بإندونيسيا لأبوين حضرميين من منطقة حضرموت.. دخل جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) فنال الإجازة في الآداب قسم اللغة الإنجليزية سنة 1939، ترجم سنة 1936 م وقت دراسته في الجامعة مسرحية(روميو وجولييت) لشكسبير بالشعر المرسل، وبعدها ب سنتين سنة 1938 – ألف مسرحيته (أخناتون ونفرتيتي) بالشعر الحر ليكون رائد هذا النوع من النظم فى الأدب العربي.. دخل باكثير بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم سنة 1940م وعمل مدرساً للغة الإنجليزية لمدة 4 عشر عاماً.. سافر باكثير لفرنسا سنة 1954م فى بعثة دراسية حرة.
أقام في مصر حيث أحب المجتمع المصري، وبقيت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد وتوفيق الحكيم والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وصالح جودت وغيرهم.. و قال باكثير فى مقابلة مع إذاعة عدن سنة 1968 إنه يصنف كثاني كاتب مسرح عربي بعد توفيق الحكيم.
اشتغل باكثير بالتدريس خمسة عشر عاماً منها عشرة أعوام بالمنصورة وبعدها نقل إلى القاهرة.. وفي سنة 1955 نقل للعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصلحة الفنون وقت إنشائها، وبعدها نقل لقسم الرقابة على المصنفات الفنية وظل يعمل في وزارة الثقافة.
توفي باكثير في مصر 10 تشرين الثاني 1969، إثر أزمة قلبية حادة ومن أهم مسرحياته:
السلسلة والغفران التي نالت جائزة وزارة المعارف لسنة 1949.
مسرح السياسة… ليلة النهر… إمبراطورية في المزاد.
رجوع الفردوس… مأساة زينب…. سر الحاكم بأمر الله.
هكذا لقي الله عمر… من فوق سبع سماوات… هاروت وماروت… سر شهرزاد… قطط وفيران… الدنيا فوضى.
مسمار جحا… أبو دلامة…. جلفدان هانم… قصر الهودج.
مأساة أوديب… فاوست الجديد… الوطن الأكبر… دار ابن لقمان… إبراهيم باشا…حرب البسوس… ملحمة عمر.
الشيماء شادية الإسلام… الشاعر والربيع… همام في بلاد الأحقاف… روميو وجولييت… إخناتون ونفرتيتي.
عاشق من حضرموت… الدودة والثعبان… الفرعون الموعود.
أما رواياته نذكر منها :
الثائر الأحمر.
سلامة القس.
سيرة شجاع.
وا إسلاماه.
الفارس الجميل
ليلة النهر
رجوع المشتاق
الشيماء
وكانت دار الفكر في دمشق وبمناسبة القدس عاصمة للثقافة العربية قد أصدرت كتاباً مهماً حمل عنوان اليهود في مسرح علي أحمد باكثير» تأليف: د.عبد الحكيم الزبيدي يتناول فيه «اليهود الصهاينة في مسرح علي أحمد باكثير»، ويقع في 120 صفحة من القطع الصغير، وفي مقدمته التمهيدية يشير المؤلف إلى أن الأديب العربي الكبير علي أحمد باكثير اليمني الأصل والمصري الجنسية، يعد «إحدى العلامات البارزة في تاريخ الأدب العربي، إذ كان ذا قدم راسخة فيه، وعلى تنوع إنتاج باكثير بين الشعر والرواية والمسرح وريادته في كل مجال من تلك المجالات، إلا أن المسرح قد غلب على إنتاجه واستأثر باهتمامه».
وقد تناول باكثير في مسرحياته العديد من الموضوعات الأسطورية والتاريخية والاجتماعية، وحظيت قضية فلسطين بنصيب وافر من اهتمامه وشغلت حيزاً كبيراً من إنتاجه قبل قيام الكيان الصهيوني وبعده.. فكان بذلك أول أديب يتعرض لهذه القضية في الأدب العربي.. وقسم الزبيدي بحثه إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة تناول فيها بالتحليل مسرحيات باكثير التي تعرضت لليهودية الصهيونية، والصراع العربي الصهيوني، وكذلك مسرحياته التي تطرقت للموضوع بطريقة غير مباشرة.. وفي الفصل الثالث تناول أهم الخصائص التي تميزت بها مسرحيات باكثير والتي تنطلق من كونه كاتباً «داعية» يهتم بالمعركة التي تخوضها أمته، ويسهم بالعمل في نصرتها، بالإضافة إلى التزامه طوال حياته الأدبية بالقيم والمبادئ الإسلامية والأصالة العربية، كما أنه لم يكتب أياً من مسرحياته إلا بعد دراسة مستفيضة لموضوعها تجعله يحيط بأدق تفاصيله.
ويشير الباحث الدكتور الزبيدي إلى أن باكثير ظل متفائلاً بقدرة الأمة على الانتصار والخروج من المأساة، وأنه لم يكتف في مسرحه بمجرد تصوير الواقع أو الرمز إليه، بل طرح الحلول التي يراها مناسبة لعلاج المشكلات التي طرحها.
اليوم نحن بأمس الحاجة إلى الإضاءة على مثل هذه الشخصيات الإبداعية التي امتلكت الرؤى والقدرة على أن تنير الدرب أمام الأجيال ولم تمنعها الحدود الجغرافية من ذلك، فباكثير ولد خارج اليمن وعاد إليه ومن ثم إلى مصر حيث تفجرت موهبته الإبداعية.