أ. د. جورج جبور
لم يكن من المتوقع لدي أن يفشل التحالف الغربي في الاستجابة إلى بعض المطالب الأمنية الروسية.
قبل 24 شباط 2022 بذل الرئيس الروسي جهودا كبيرة من أجل إنقاذ النظام الدولي الراهن وأهم عناصره أمن ركنيه الأساسيين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة.
أصر التكتل الغربي على استمرار تقدمه شرقا عبر أوكرانيا إلى الحد الذي يهدد أمن الاتحاد الروسي.
اضطر الرئيس بوتين إلى اتخاذ خطوة حاسمة جعلها الغرب ضرورية بعد سلسلة خطوات استفزازية لموسكو كان أحد معالمها قانون اللغة الأوكراني عام 2014 وهو الذي هدف إلى الفضاء على استعمال اللغة الروسية في أوكرانيا رغم أنها لغة مجموعة وازنة من السكان.
تعايش العالم مدة لا بأس بها مع الحرب الأوكرانية ثم قبل أن ينقضي العام الثاني لتلك الحرب كان طوفان الأقصى ونحن الان في فصل قاس منه هو حرب التجويع والإبادة.
الخلل واضح في النظام الدولي. أين موضعه؟
من الواضح جموح الولايات المتحدة الكبير إلى مزيد من التحكم في مصائر سكان للعالم. ومن الواضح أن مقاومة هذا الجموح تنجح أحيانا ولا تبدو قادرة على الحد منه في أحيان أخرى.
نجحت مقاومة الجموح الأمريكي في أوكرانيا، ولم تنجح بعد في وقف إطلاق النار في غزة، ويستمر الجموح الأمريكي الذي يعبر عن نفسه إسرائيلياً في قتل أبرياء غزة.
كيف يمكن إيقاف ذلك الجموح القاتل بل المجرم؟ إحدى المحطات هي المخرجات التي ستأتي بها محكمة العدل الدولية في 26 الجاري وما بعده.
هي مخرجات كانت مفيدة في 26 كانون الثاني الماضي وستكون مفيدة في الأيام القادمة لكنها ستستمر دون المطلوب الحاسم.
ننتظر خطوة من لاهاي لا ريب، لكن الخطوة الأهم هي ما علينا العمل لكي تنجز، إنها الخطوة العربية، فعلى الدول العربية أن تكون حازمة في فرض قناعتها بضرورة وقف إطلاق النار في غزة، هي من يستطيع وقف إطلاق النار بتدابير تتخذها، هي التي تستطيع القيام بعمل إصلاحي على صعيد العالم يصلح النظام الدولي.
ضمن حرب كوريا ومنذ أوائل الخمسينات برزت مجموعة قوامها سورية ومصر والهند، كانت تدعى المجموعة العربية – الآسيوية، تطورت إلى المجموعة الإفريقية الآسيوية ثم إلى مجموعة عدم الانحياز.
استطاعت لعب دور دولي في الحفاظ على نظام مقبول نوعاً ما، تغيرت الخريطة السياسية الدولية، وتبقى مع ذلك حقيقة كبرى مؤداها أن وحشية الصهيونية في غزة تبني إجماعاً دولياً مطالباً بوقف إطلاق النار وان هذا الإجماع الدولي الكامن سينطلق بقوة مع اتخاذ خطوة عربية فاعلة.
من انتصار رمزي في غزة يتمثل بوقف إطلاق النار يبدأ إصلاح النظام الدولي الذي كانت الخطوة الروسية قبل عامين إشارة إلى وجوب إصلاحه.
* دمشق الأحد 25 شباط 2024