الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
تعد المقاومة القانونية أحد أوجه المقاومة في وجه الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، وقد برزت أهميتها خاصة بعد تقديم جمهورية جنوب أفريقيا دعوة ضد كيان الاحتلال الصهيوني في محكمة العدل الدولية، على خلفية عدوانه الوحشي وجرائم الإبادة الجماعية التي مارسها ويمارسها في قطاع غزة.
ورغم أن هذه الفكرة موجودة ومعمول عليها منذ عقود، إلا أن الجهود القانونية العربية كانت تصطدم بالكثير من العقبات القانونية والسياسية، وكان مقترح المقاومة القانونية الذي كان للدكتورة هالة الأسعد الأستاذة في القانون الأمين العام لجامعة الأمة العربية، السبق في طرح هذا الموضوع وبذل الجهود المشتركة مع عدد من القانونيين والحقوقيين العرب.
وتتويجاً لتلك الجهود، جاء بالأمس انطلاق موقع الكتروني “الحقيقة بالوثيقة” ضمن ملتقى قانوني وسياسي وإعلامي من دمشق ليعلن انطلاق المقاومة القانونية العربية للدفاع عن الشعب الفلسطيني في غزة وفلسطين، برعاية جامعة الأمة العربية والتي لها فروع في دول عربية واسلامية، وذلك عبر عدد من القانونيين العرب.
ووفق الدكتورة الأسعد التي أعلنت إطلاق العمل القانوني من أجل غزة، فإن متابعة المقاومة القانونية تكون وفق ثلاثة أهداف، الأول يركز على توثيق جرائم الاحتلال والانتهاكات الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، والثاني يركز على الدراسات القانونية لهذه الجرائم وتقديم الدعاوى بشأنها، والثالث يركز على دور وعمل المحامين في المحافل الدولية، مشيرة إلى أنه ستكون هناك لدى جامعة الأمة العربية محكمة الضمير الجنائية.
ومن رحاب مدينة القدس، وجه المطران حنا عطا الله رسالة صوتية إلى الملتقى القانوني والسياسي والإعلامي في دمشق الذي أعلن عن إطلاق المقاومة القانونية ضد الاحتلال، أشار فيها إلى أن العدوان الإسرائيلي الهمجي الوحشي المستمر من خمسة أشهر ضد قطاع غزة يحظى بدعم حكام البيت الأبيض وحكام الغرب ما يؤكد على شراكتهم في هذه الجريمة.
وقال المطران عطا الله: من فلسطين التي تنزف دماً وتعاني من استعمار واحتلال غاشم يستهدف كل شيء عربي وفلسطيني وإسلامي ومسيحي، يدفع أهلها فاتورة هذه الحرب المدبرة من قبل الكيان من أجل تهجير جديد ونكبة جديدة، مؤكداً أنه رغم كل ما يفعله العدو وحلفاؤه لن ينالوا من القضية الفلسطينية ولن ينجحوا في تصفيتها.
وأمل المطران عطا الله أن ينجح هذا العمل القانوني الذي ترعاه جامعة الأمة العربية وموقع (الحقيقة بالوثيقة) في إبراز الحق الفلسطيني وكشف حقيقة الجرائم الإسرائيلية التي يسعى البعض لطمسها وإخفائها عن الرأي العام العالمي.
من جهته، أشار قاسم صالح أمين عام مؤتمر الأحزاب العربية في كلمة له للملتقى عبر الزووم، إلى أن سورية هي خط الدفاع الأول عن قضايا الأمة وفي مواجهة المخطط العدواني الذي يريد تحويل المنطقة إلى كانتونات صغيرة وتصفية القضية الفلسطينية، مرحباً بهذه المبادرة القانونية لوضع المؤسسات الدولية أمام مسؤوليتها تجاه ما يحصل في قطاع غزة.
كما أشار الدكتور اسماعيل النجار الإعلامي اللبناني عضو الوحدة الإعلامية في حزب الله الذي شارك بالملتقى، إلى أن سورية تبقى شريان الحياة والدعم الكبير للمقاومة الذي قدمت ما لم تقدمه أي دولة عربية، معتبراً أن خطوة جامعة الأمة العربية بإطلاق المقاومة القانونية خطوة جريئة وكبيرة لوضع حد للوحشية الإسرائيلية، ودعا إلى ضرورة الارتقاء بالإعلام العربي وتبني الإطار القانوني للمقاومة وتسليط الضوء على جرائم العدو والتحرك القانوني لفضحها وكشفها أمام الرأي العام الدولي.
وقال المحلل السياسي والعسكري والإعلامي الدكتور أمين حطيط من لبنان في كلمة له للملتقى القانوني عبر تطبيق الزووم: لقد اتجهت جامعة الأمة العربية في مسار سعيها للمساهمة في التصدي للهجوم العدواني الوحشي الذي تتعرض له الأمة وخاصة القضية الفلسطينية من باب قطاع غزة بقصد تصفيتها، اتجهت الجامعة لإنشاء موقع الكتروني من أجل الحقيقة الموثقة تثبيتاً وإعلاناً وإعلاماً والذي يوثق لجرائم الكيان الصهيوني على غزة بالتعاون مع فريق من فقهاء القانون الدولي وموثقين من داخل غزة.
وأكد الدكتور حطيط أن هذه الخطوة تأتي في زمن اشتد فيه دور الإعلام وأهميته حتى بات سلاحاً يفوق بخطورته أي سلاح تقليدي، مضيفاً أنه: سلاح به يثبت الحق أو ينسفه أو يطمس خطوطه وأركانه، أو يبرزها ويظهرها وفق ما هي عليه، أو خلاف طبيعتها، و في ظل النزعة العدوانية لدى الدول القوية وممارستها الإجرامية بحق الأمم والأوطان الأخرى عامة والأمة العربية والأمة الإسلامية والوطن العربي خاصة، وفي مواجهة سياسة الكذب والاختلاق والتلفيق والتزوير وتشويه الحقائق التي يعتمدها معسكر الاستعمار الغربي والصهيوني في عدوانه المتعدد الأهداف والمسارات والاتجاهات ومساهمة منها في الدفاع عن الحق والحقيقة، حق الأمة وحقيقة المشهد وما تتعرض له من انتهاكات.
وقد أدارت الدكتورة الأسعد مناقشات الفريق القانوني العربي الذي سيقوم بتوثيق الانتهاكات والجرائم الصهيونية مرفقاً بدراسات قانونية، لتقديمها للمجتمع الدولي والمطالبة بمحاسبة هذا الكيان المجرم وفق القانون الدولي.
وقد ناقش الفريق الذي ضم عدداً من عمداء كليات الحقوق والقانون وأساتذة جامعيين وحقوقيين وفقهاء في القانون الدولي من سورية ولبنان ودول عربية ورؤساء منظمات حقوقية عربية ودولية، آليات انطلاق العمل القانوني لأجل غزة وانطلاق الموقع الالكتروني “الحقيقة بالوثيقة” –
والذي يوثق لجرائم الكيان الصهيوني على غزة الصامدة مرفقاً مع دراسات قانونية لها الذي يطلقه الفريق القانوني العربي وتتبناه وترعاه جامعة الأمة العربية.
وأكد الفريق القانوني خلال الملتقى أن من أهم أهدافه حماية ظهر المقاومة وبيئتها وحق الفلسطينيين في أرضهم، منوهاً الى أنه من ضمن الإجراءات المزمع اتخاذها في هذا الإطار سيتم رفع دعاوى لمحاسبة المطبعين مع الكيان الصهيوني.
ووفق الملتقى، تطمح الجامعة في إطلاق موقع: « الحقيقة بالوثيقة»، وهو موقع توثيقي لكل ما يتعلق بالأقوال والأفعال لأعداء أمتنا العربية، إلى جعل هذا الموقع خزينة واقعية وقانونية وفكرية وفلسفية خدمة للحقيقة وتوثيقاً لها ودفاعاً عن القضايا الوطنية والقومية والإنسانية، وفي طليعتها قضية فلسطين، القضية التي تسبب بوجودها العدوان الصهيوني والغربي على الأمة، عدوان فريد من نوعه، يمارس الاحتلال والقتل والتهجير والتشريد ضد الشعب الفلسطيني ويحاول طرده من وطنه وإهداراً لأمة ومنطقة من حقها بثرواتها وأمنها وسلامها.. عدوان لايزال مستمراً ومتمادياً ووصل إلى درجة من الوحشية والوقاحة حداً ينذر بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة من أجل تصفيه القضية الفلسطينية برمتها.
وانطلاقاً من ذلك فإن هذا الموقع الذي وسم باسم ”الحقيقة بالوثيقة” يهدف في مرحلة أولى إلى جمع كل ما يتصل بالقضية الفلسطينية عامة و بالعدوان الصهيوني الأميركي على قطاع غزة بشكل خاص.. وذلك عبر جمع المشاهدات والتقارير والدراسات والمواقف والقرارات، والأحكام وكل شيء موثق متصل بهذه القضية من أجل وضعه بتصرف المعنيين وتسهيل وصولهم إليها لاستثمارها في حرب الدفاع عن القضية وحقوق الأمة.
ونوهت أمين جامعة الأمة العربية أن هذا الموقع مفتوح أمام جميع المعنيين والمختصين.. وأملت من الجميع تزويدها بكل ما يرغبون بنشره أو تداوله من وثائق لاستثمارها في الحرب الدفاعية هذه.
وأشار الملتقى في خلاصة أعماله إلى أن المقاومة القانونية للاحتلال الاستيطاني الصهيوني، تستوجب فتح عديد الجبهات والمعارك القانونية، لمساءلة ومحاسبة الكيان الاستيطاني وقادته، باستخدام إرثنا الثقافي والحقوقي وعدم التماهي فقط مع الموروث الحقوقي الغربي الذي يحمل تناقضات جمّة، ولكن في نفس الوقت يمكن الاستفادة منه في هذه المعارك، لتحرير وتحريك الرأي العام العالمي بقوة، للضغط على حكام هذه الدول التي تتشدق بقيم حقوق الإنسان وعلى المؤسسات الدولية المختصة للتعامل بفعالية وعدالة مع الحقوق العربية والفلسطينية ومحاكمة الجاني المحتل الغاصب.