الثورة – أيمن الحرفي:
تحتل الأسرة موقع الصدارة بين المؤسسات التربوية التي أقرتها المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ.
فالأسرة هي البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية ولاسيما في السنوات الأولى من عمره، كما قال التربوي السويسري والمصلح التعليمي (بستالوتزي): “الأسرة هي مصدر كل تربية صحيحة يتأثر بها الطفل”.
وعلاقة الطفل بأمه هي أقوى العلاقات أثراً في تكوين شخصيتهم، إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية حيوية تربطه بأمه تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية كالحب والحنان وتوفير الراحة والأمان فيميزها عن غيرها، ويتبعها ببصره من حين لآخر، ويستقبلها بابتسامة لطيفة وشعور بالاطمئنان والسكينة.
والأم تشعر بامتداد شخصيتها في شخصية طفلها وعليها مسؤولية الحياة في المنزل واستمرار الحياة الاجتماعية بتقاليدها وأفكارها وثقافتها، ويتم ذلك عن طريقة تربية الأطفال وتشكيلهم نفسياً واجتماعياً وتهيئة الجو الذي يساعدهم على النمو السليم حتى يغدون مواطنين نافعين للمجتمع.
ولهذا على الأم أن تتحلى بشخصية متزنة وتكون ناضجة انفعالياً غير متغيرة المزاج والانفعال، فلا تسقط متاعبها على أطفالها، فدورها يكتمل بخلق جو من الأمان يعيش فيه الطفل، ما يتطلب منها الهدوء والسكينة مع الحكمة، ويكمل هذا الدور الأب الذي هو مصدر السلطة والتوجيه ومصدر للحماية والدفاع والأمان ليتحقق الاستقرار في العائلة، ولا يقتصر دور الأب اقتصادياً، فالطفل يتأثر بوالده ويتعلم منه ويتقمص شخصيته وحركاته وأقواله.
وينصح علماء النفس الأم بتشجيع أطفالها على المشاركة في شؤون الأسرة وتهيئة الفرصة لهم ليتحملوا المسؤولية التي تناسب أعمارهم، والأعمال والمسؤوليات تسند إليهم بالتدريج، فمثلاً في مراحله الأولى عليه أن يعيد ألعابه إلى مكانها، ومن ثم يرتب السرير في الصباح ويضع ملابسه في مكانها المخصص، وهكذا تتطور الأعمال والواجبات كلما نضج نفسياً وعقلياً وجسدياً.
وأخيراً.. لابد من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب كل في مكانها والثواب أو المكافأة بحسب الإنجاز والعقوبة، وكذلك الخطأ المرتكب، وبهذا نكون قد مارسنا عملية التقويم والتقييم لنخرج بطفل سليم معافى من العيوب قريباً من الكمال في الشخصية وبناء الذات.